+A
A-

أكبر سجن بالعراق.. رهائن جرف الصخر بقبضة كتائب حزب الله

تنتهي الحروب ولا تنتهي مآسيها، تسكت المدافع ولا يستكين الألم، هكذا هي حال أهالي آلاف المفقودين والمخفيين قسراً في العراق.

ففي العراق قلما تجد عائلة لم تفقد ابناً أو أخاً أو زوجاً، أو ربما قريباً أو صديقاً.

على الرغم من أنه لا إحصاءات رسمية إلا أن التقديرات تشير إلى أن ما بين 50 و100 ألف شخص فقد أثرهم سواء خلال سيطرة داعش على العديد من المناطق العراقية أو قبل عقد من الزمن إبان الحرب الطائفية التي طحنت أبناء البلد.

ويعتبر ملف المفقودين والمغيبين من بين أبرز الملفات التي خلفتها الحرب مع داعش.

وحتى بعد هزيمة التنظيم التي رافقتها موجات نزوح كبيرة، اعتقل عدد كبير من النازحين من قبل الميليشيات، ولم يعرف مصير هؤلاء حتى الساعة.

ففي اليوم العالمي للمفقودين، ذكرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الخميس أن "العراق يعد واحداً من البلدان التي تضمّ أكبر عددٍ من المفقودين. فكلّ أسرة في العراق عمليًّا إمّا لديها مفقود أو تعرف أُسراً فُقِد ذووها. وأثر هذا، بحسب الجنة مدمّر على العوائل التي غالبًا ما تعيش في ضياع من دون أجوبة ملموسة".

جرف الصخر.. ورهائن حزب الله العراقي

أما الحقيقة السوداء التي يعرفها معظم العراقيين، فتقبع في سجون جرف الصخر.. ففي تلك المدينة، يقبع عدد كبير من المغيبين والمخطوفين الذين لا يسمح لأحد بزيارتهم، وهم رهائن تحت سيطرة حزب الله في العراق، بحسب ما أكد لـ"العربية.نت" سكان محليون.

وعلى الرغم من أنها كثيرة هي المدن العراقية التي فقدت بنيها، إلا أن صلاح الدين والأنبار والموصل دفعت الثمن الأعلى.

عامان على خروج أبنائها

ولعل قصة أم سلام واحدة من قصص كثيرة قد يسمعها النابش في هذا الملف.

فبعد أكثر من عامين على اختفاء ولديها، أثناء توجههما من مدينة بلد إلى سامراء، لا تزال أم سلام تنتظر أن يطرقا بابها.

وفي حديث لـ"العربية.نت"، قالت بشرى أحمد عبدالله أن ولديها اختفيا يوم 2017/5/1، على الرغم من أنهما لم يقترفا شيئاً.

وأضافت بصوت مخنوق: لقد بحثت في كل السجون والمعتقلات والدوائر الأمنية بحثاً عن ولدي لكنني لم أعثر على أثر أو خبر يشفي وجعي.

وتابعت قائلة: "لديهما 9 أطفال وزوجتين ينتظرون قدومهما بفارغ الصبر، وفِي كل عيد ننتظر ونترقب، عساهم يطلان، لكن أملنا هذا أضحى كما الحلم أو السراب المستحيل".

إلى ذلك أكدت "أن ما يتعرض له المغيبون والمختطفون ظلم كبير"، مطالبة رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب بالتدخل للإفراج عن ولديها وكل الأبرياء.

كما قالت بحسرة كبيرة إن صحتها تدهورت كثيراً بعد غياب ابنيها، مضيفة "أبوهما مريض لا يمر عليه أسبوع إلا ويدخل المستشفى، كما أن عائلتيهما باتتا بلا معيل، والأطفال التسعة كبروا وأصبحوا يتساءلون عن مصير والدهم دون أن تلوح في الأفق أي بادرة لعودتهما".

مخطوفو صلاح الدين

من جهته، أوضح عضو مجلس محافظة صلاح الدين، خالد الدراجي في حديثه لـ"العربية.نت" أن أعداد المفقودين من أبناء المحافظة يتجاوز 4700 بحسب آخر البيانات التي أعدها المجلس، وتم تسجيلهم رسمياً وتسليم قوائم الأسماء إلى الجهات المعنية في بغداد بهدف متابعة ملفهم، بما في ذلك مكتب رئيس الوزراء والحشد الشعبي والعمليات المشتركة وجميع القطعات الأمنية ذات العلاقة"، مؤكداً أن كافة البيانات جمعت في مجلس محافظة صلاح الدين استناداً إلى بلاغات ذوي المفقودين.

وأضاف الدراجي أن عمليات اعتقال هؤلاء نفذت عن طريق الفصائل المسلحة أثناء عملية تحرير المحافظة من داعش، قائلاً: "أغلب هؤلاء المعتقلين معروفة الجهة التي أمسكتهم، وأين اعتقلتهم ونحن كمجلس محافظة ومحافظة فاتحنا جميع الجهات المعنية حول هذا الموضوع، دون أن نلقى جواباً شافياً سواء من قبل الحكومة أو القائد العام للقوات المسلحة أو بالحشد الشعبي".

شاهد أيضاً.. "حقائق" عن جرف الصخر

إلى ذلك شدد على أن "المجلس اتصل حتى بنائب رئيس هيئة الحشد أبو مهدي المهندس وسلمه ملفا بأسماء وأعداد وتواريخ ومكان اعتقال هؤلاء، وقد وعدنا بلجنة لمعرفة مصير هؤلاء المغيبين، ولكننا حتى الآن حقيقة لم نحصل على أي معلومة".

وأضاف: يهمنا جداً معرفة مصير هؤلاء لأن أهلك يبحثون عنهم، ولا يهم سبب توقيفهم سواء أكان انتماؤهم لداعش أو غيره، لكن المهم أن يعي أهلهم مكان احتجازهم.

من جانبه، أوضح مصطفى سعدون مدير المرصد العراقي لحقوق الإنسان أن لا وجود لإحصائية أو أرقام دقيقة للمفقودين والمغيبين قسرياً في العراق لكن هناك أرقام تقريبية يمتلكها المرصد.

وأوضح قائلاً: يتجاوز عدد المفقودين في الأنبار 10 آلاف، وفي نينوى هناك ما بين 12000 إلى 15000 وفي صلاح الدين ما بين 3000 إلى 4000 مفقود.

تقصير حكومي

وأضاف في تصريح لـ"العربية.نت" أن الحكومة العراقية الحالية والتي سبقتها لم تعملا بشكل جدي لمعرفة مصير هؤلاء، على الرغم من وجود اتهامات عدة لجماعات عراقية مسلحة.

يذكر أنه وفي منتصف عام 2016 اعتقلت ميليشيا الحشد الشعبي نحو 2600 رجل من أهالي الأنبار أثناء مرورهم عبر سيطرة الرزازة جنوبي عامرية الفلوجة هرباً وعوائلهم من جحيم داعش والقتال الضاري الذي شهدته تلك المدن، وقد فقد أثرهم منذ ذلك الوقت.

وفي صلاح الدين اختفى الآلاف من أبناء المحافظة وخصوصاً عام 2015، بعد أن أعدم تنظيم داعش 1700 جندي في ما عرف بمجزرة سبايكر المروعة، فخطف الآلاف من أبناء المدينة خلال عملية تحريرها في عمليات انتقاميةً نفذتها فصائل مسلحة.

كما أن العديد من أبناء محافظات صلاح الدين ونينوى والأنبار خطفوا على يد تنظيم داعش وليس القوات الأمنية ولا يزال مصيرهم مجهولاً، ويعتقد أن أغلبهم أعدم على يد التنظيم الإرهابي أو قتلوا خلال قصف الطائرات الحربية التابعة للتحالف الدولي.