لا يوجد هنالك ما يستفز المواطن، بقدر أخبار التعيينات غير مبررة لوجوه وأسماء من البلدان البعيدة، يأتون إلى هنا ليشغروا المناصب العليا بالشركات والبنوك والمؤسسات الوطنية الكبرى، بمحصلة رواتب لا يحلمون بفتاتها في بلدانهم، في حين تركن الكفاءات الوطنية على جنب، وجودها وعدمه واحد.
هذا المطلب - وأعني البحرنة بصورتها الحقيقية- هو حق مكتسب للمواطن، وأصل في أساسيات مواطنته وانتمائه، كخيار أول وثاني وثالث ورابع وعاشر، والبقية يأتون من بعد.
وكما تسير المملكة العربية السعودية، والإمارات، وعمان، والكويت، وغيرها من دول الجوار، في التوطين الوظيفي الجاد للمواطن، فإن البحرين جديرة لأن تسير بهذا الحذو أيضًا، بدايتها بأن تكون قيادات الشركات الكبرى والبنوك، بحرينية بامتياز.
ويذكرنا الواقع المُر لأغلب هذه المؤسسات، التي يهيمن عليها الأجانب، بشكل أقرب لشّلليّة، والفئوية المغلقة، للإقصاء المُر الذي يعانيه ابن البلد أمام الأجنبي، والذي يمتلك زمام التوظيف، والتسكين، والتسريح، بشكل يقوم على المحاباة لبني جلدته هو، وعلى الغطرسة والتعالي بالكثير من الأحيان.
هذا الواقع القديم جدًّا، والمستمر جدًّا، أخذ أخيرًا منحنى غريبًا للغاية، هو سيطرة جنسيات -بعينها- على دفة الأمور بهذه الشركة وذاك البنك، بشكل أقرب للدويلات داخل الدولة، المواطن بها غريب، ومرفوض، لا حجة له، ولا صوت، ولا حضور يذكر.