العدد 3798
السبت 09 مارس 2019
banner
المتقاعدون الجدد
السبت 09 مارس 2019

عندما أحيل آلاف من موظفي القطاع العام إلى التقاعد الاختياري مطلع مارس الجاري أدرك الكثير منهم أنّ الانتقال من سجن الوظيفة إلى فضاء الحرية يحتاج إلى تفكير جديد وإلا وقع العشرات منهم فريسة للأمراض النفسية وأخطرها الاكتئاب.
بالنسبة لبعض الذين اختاروا التقاعد بملء إرادتهم ليس لديهم أي برنامج عملي لما بعد الوظيفة، الخيارات المتاحة أمامهم ممارسة الهوايات كالسفر، وبالنسبة لآخرين فإنّ التقاعد يمثل خريف العمر والمرحلة التي يتوقف فيها العطاء والإنتاج والشعور بالسأم والأدهى ما ينتابهم من إحساس بأنهم لا تنتظر منهم أية قيمة باعتبار أنّ التقدم بالعمر يمثل عائقا أمام إنجاز الأهداف.
لدينا سؤال هنا، لماذا لا تتم إعادة توظيف أصحاب الكفاءات في مشروع وطني يهدف إلى استثمار طاقاتهم وخبراتهم كإيجاد الجمعيات التي من خلالها يمكنهم استغلال طاقاتهم، ولعل النموذج أمامنا جمعية الحكمة للمتقاعدين، غير أنّها لا تستوعب سوى فئة محددة. هناك أندية رياضية وضعت برامج للمتقاعدين لممارسة الأنشطة الرياضية والثقافية وتوظيف خبراتهم في مشروعات تصب في صالح مجتمعاتهم، وكنا نتمنى لو أنّ وزارة التنمية الاجتماعية قامت بحصر أعداد المتقاعدين وحاولت استثمار طاقاتهم في تطوير بيئاتهم بدعم المشروعات الصغيرة كل حسب طاقته وما اكتسب من خبرات، ويخطئ من يعتقد أنّ ميادين العمل الاجتماعي وقف على فئة الشباب وحدهم، فأغلبية من أحيل للتقاعد قادرون على العطاء وخصوصا في مجال الأعمال الخيرية والتطوعية. إنهم بحاجة فقط إلى إتاحة الفرص أمامهم للعطاء والإبداع.
من حق هؤلاء على مؤسسات المجتمع كالأندية والمراكز الرياضية إيجاد السبل أمامهم للترفيه، والأهم كما نتصوره ضمان مستقبل آمن لهم كي لا يقعوا فريسة للفراغ المدمر. إن الكثير من المتقاعدين يداهمهم شعور مفزع بأنّهم باتوا كما مهملا، وهذا ما يعمق فيهم الشعور باللاجدوى. وفي الحديث عن المتقاعدين نستحضر ما أقدمت عليه دول كثيرة من الشرق والغرب عندما شرعت بإنشاء هيئات خاصة للمتقاعدين للاستئناس بخبراتهم التي لا تقل كفاءة عن تلك التي تتم الاستعانة بها من الخارج تحت مسمى “مستشارين وخبراء”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .