+A
A-

"الذوادي" و"الرشيد" أول طالبين بحرينيين يحصلان على ماجستير " هندسة إدارة المشاريع"

ما بين الحلم والحقيقة، كانت الرغبة، تدفع بكلا دفتيهما ما بين يمين وشمال أملا في أن تغلب إحداها الأخرى؛ رغبة مواصلة مشوار العلم الذي بدآه وتخطي الآفاق وصولا إلى رحاب التميز والارتقاء إلى مدارج العلا، ورغبة البقاء في كنف الوطن وسط " لمة" الأهل و"جلسات" الأصحاب، فكلا الأمرين بدا لهما مهما، حيث يصعب اتخاذ القرار.

لكن لعبة الحياة قد تضع المرء أحيانا في مدارات وفضاءات تختلف فيها أوزان كل الأشياء وتتفاوت قيمتها وتتبدل فيها الأولويات، وكان هناك أيضا "الإيمان" الذي جمع بينهما بأن على الفرد بذل كل ما لديه من طاقات وقدرات، وتجاوز كل المشقة والصعاب في سبيل تحقيق غاية ستعم بنفعها عليه وعلى أسرته ووطنه الذي هو في أمس الحاجة لكل كفاءة فريدة وجديدة تسهم في رفعته وتقدمه حيث كان فاصلا في أن تغلب الرغبة في مواصلة مشوار العلم الذي ظل يشحنها على الدوام، ويبدأ من جديد بعد انقطاع دام سنوات، رغم صعوبة الطريق وبعد المسافات بجد ومثابرة وعزم وإرادة، ليتوج بحصاد مثمر ومزهر فاق كل التوقعات.  
  
ورغم هيبة التأقلم مع الحياة الجديدة في الأردن، ومعاناة ألم الفراق عن الوطن والعائلة، وصعوبة الدراسة، استطاعا أن يحققا أعلى المراتب والدرجات بعد أن قدما مواضيع جديدة ولافتة خلال مناقشتهما في جلسة علنية لرسالتي الماجستير تضمنتا نتائج ستخدم بشكل رئيسي بلادهم (البحرين) وتعالج كثيرا من المشاكل المتعلقة في البنية التحتية فيها، لتقرر اللجنة منحهما درجة الماجستير وبامتياز، ويكونا بذلك أول طالبي علم في مملكة البحرين يتخرجان من برنامج ماجستير "هندسة إدارة المشاريع" ويحققا أعلى الدرجات.
 
عن ذلك قال "الذوادي": كان الوطن وسبل النهوض به يحتل حيزا كبيرا من تفكيرنا، وكان دافعا رئيسيا لاتخاذ قرار السفر والدراسة لكسب مزيد من العلم والخبرة والمهارة، حتى أن مواضيع رسالتي الماجستير التي تقدمت بها أنا وزميلي لامست همومه ومشاكله، حيث قدمت أطروحة جاءت بعنوان " الوعي بالمباني الخضراء في قطاع الإنشاء/ البحرين حالة دراسة" فيما قدم زميلي الرشيد أطروحة بعنوان " العوامل الرئيسية المساهمة في تأخير الإنشاء في مملكة البحرين".
 
وأضاف :" كنا نلمس صعوبة في التحصيل الدراسي، فالجامعة الأردنية تعتبر من أعرق الجامعات وأقدمها وتطبق قوانين صارمة ومنهجية مختلفة في التدريس ميزتها عن باقي مثيلاتها من الجامعات في الوطن العربي، ناهيك عن ظروف الحياة الجديدة التي عايشناها، لكن طموحنا في تحقيق النجاح ظل يترنح أمام أعيننا طيلة فترة دراستنا، حفزنا على الدوام على ضرورة المواظبة والاجتهاد وتحمل كل ما يعترض طريقنا في سبيل الوصول إليه وبحمد الله واستطعنا تجاوز المرحلة وعن جدارة بعد أن حققنا أعلى الدرجات وحصلنا على درجة الماجستير بامتياز.
 
زاد على كلامه زميله الرشيد الذي أكد أن مشاعر الإحساس بالغربة قد تلاشت بعد أشهر من بدء الدراسة في الجامعة الأردنية، فالدعم النفسي الذي حصلا عليه من الأساتذة زرع فيهما الشعور بالأمان، غير ذلك فقد كانوا عونا لهما في تعلم كثير من الاستراتيجيات والمنهجيات الجديدة في البحث والدراسة ما أسهم في تمكنهما من إكمال مشوار العلم على أكمل وجه.
 
وأضاف :" كونّا صداقات كثيرة مع الطلبة، وأسسنا علاقات اجتماعية جيدة اندمجنا فيها منذ البداية بعد أن كشفت عن طيب أصلها وحسن طباعها، معربا عن إعجابه بعمق الروابط الإنسانية التي تجمع أفراد الشعب الأردني بكافة أطيافة من حب وأخوة وتسامح، وما يتحلى به من  حسن الضيافة، ومؤكدا أن الشعب الأردني لا يختلف في عاداته وتقاليده عن الشعب البحريني، ما أسهم في جعلهما  يشعران وكأنهما في بلدهما ولم يفارقا أرضه، فعقدا العزم على تشجيع كثير من أصدقائهما البحرينيين لاتخاذ الأردن بشكل عام والجامعة الأردنية بشكل خاص وجهة مثلى لاستكمال الدراسة فيها.
 
وتابع الرشيد قائلا :" كان قرارا سديدا في أن قدمنا إلى الأردن للدراسة، وكلنا فخر بما حققناه من إنجاز، وكلنا اعتزاز بما كوناه من صداقات حتما ستظل قائمة إلى الأبد لما يجمعنا بها من ذكريات ومواقف جميلة، سنظل نحن إليها ونسترجعها مع مرور الأيام والوقت أملا في عودتها".
 
أكد على كلامه الذوادي قائلا :" الأردن ستظل في قلبنا، بعد أن نعود لبلادنا، وسنزورها من جديد إما مع عائلاتنا أو رغبة في إكمال مشوار العلم خصوصا وأنه من المتوقع أن يتم طرح تخصص برنامج الدكتوراه في الطاقة المتجددة" وهو تخصص جديد في موضوعه ستكون الجامعة الأردنية سباقة فيه".
 
بطاقة شكر يغلفها الحب والتقدير أزجاها كل من الذوادي والرشيد في ختام حديثهما لكل من كان سندا لهما طيلة مسيرتهما العلمية في الجامعة الأردنية من أساتذة وطلبة وأصدقاء، على رأسهم الدكتور غالب صويص الذي كان مشرفا على رسالتيهما والدكتور مازن عرفة "المشارك بالاشراف برسالة الرشيد" ولم يترددا لحظة عن تقديم المساعدة لهما، ومن ثم الملحقية العسكرية البحرينية في عمان  ممثلة بالملحق العسكري العميد الركن الشيخ خليفة بن عبد الله آل خليفة الذي كان على تواصل دائم معهما لتفقد أوضاعهما وأحوالهما، وقوة دفاع البحرين ممثلة بالقائد العام لقوة دفاع البحرين المشير الركن الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة.
 
إلى ذلك، كان لعضو هيئة التدريس في كلية الهندسة والمشرف على رسالتي الماجستير الدكتور غالب صويص، كلمة حق وإشادة بحق كل من (الذوادي ) و(الرشيد)، حيث قال : " هي المرة الأولى التي أدرس فيها على مستوى الماجستير طلبة من منطقة الخليج العربي، وتحديدا مملكة البحرين، وقد كانا مثالا للطالب النجيب المثابر الملتزم والمتحمس والطموح لكل ما هو جديد ومفيد، فقد كشفا خلال فترة دراستهما عن الجانب المشرق للطلبة البحرينيين، وما يتحلون به من أدب وأخلاق وحب للعلم واحترام للوقت... هم بحق سفراء علم يفتخر بهما في بلادهما  وأنموذجا مشرفا.