العدد 3753
الأربعاء 23 يناير 2019
banner
ريشة في الهواء أحمد جمعة
أحمد جمعة
محتالون في الوظائف... وخريجون عاطلون
الأربعاء 23 يناير 2019

“ليس أخطر على دولة من الخلط بين المكر والحكمة”... فرانسيس بيكون.

إن تطور أي مجتمع ونموه وازدهاره مرهون بمدى تطبيق مبادئ الحق وإرساء قواعد العدل بين أبنائه، وهذا ينطبق على ظاهرة من أخطر الظواهر السلبية التي يعاني منها مجتمعنا فيما يتعلق بسياسة العمل والتوظيف والكفاءات ووضع الموظف المناسب بالمكان المناسب وبالشهادة والخبرة المناسبتين، والمفارقة الموجعة حقاً والتي تكشف خللاً بنظام العمل عندنا أن هناك كثيرا من الموظفين والمسؤولين بأجهزة الدولة والقطاع الخاص وُظفوا بشهادات مزورة، وقد انكشفت هذه المسألة بعد توجيه سمو رئيس الوزراء حفظه الله بضرورة معالجة هذه القضية الخطيرة، في الوقت ذاته وهذا ما عنيته بالمفارقة بالطرف الثاني تقف طوابير من الخريجين بكل التخصصات بعد سنوات طويلة من المعاناة والتحصيل العلمي الحقيقي، فبينما يحتل مراكز العمل موظفون ومسؤولون بشهادات مزورة دون حق، يقف بالجهة المقابلة خريجون حقيقيون بذلوا من الجهد والمال والتحصيل عبر سنوات مرهقة، عاطلين عن العمل، فأين الحق بذلك؟ أين العدالة بوجود محتالين بالوظائف العامة ومن يعاني البطالة من هم أحق بهذه الوظائف؟

هذا الخلل حان الوقت لمعالجته بحسم وبعيدا عن التراخي والتساهل والانتظار، قد يكون الأمر محرجاً لبعض المؤسسات والدوائر والوزارات، إلا أن توجيه سمو رئيس الوزراء بهذا الشأن واضح وصارم وعلى الجهات المعنية التحرك بسرعة وفعالية ودون مجاملة أو تراخ بنزع الوظيفة ممن لا يستحقها وأخذها بالتزوير والاحتيال ومنحها لأولئك الذين أفنوا حياتهم بالتحصيل العلمي ومنهم من يحملون شهادات الماجستير والدكتوراه، بالإضافة للمئات من حملة شهادة البكالوريوس، أكثرهم متفوقون ومتحمسون للعمل وخدمة مجتمعهم، لكنهم للأسف فقدوا حماسهم بل فقدوا ثقتهم بنظام العمل، وعلى وشك فقدان ثقتهم بالدولة التي افترضوا أنهم جاءوا لخدمتها فأنكرت عليهم هذا الحق، وهذا ليس وليد رأيي أنا بقدر ما هو رأيهم يبدونه بمرارة بعد مضي سنوات من تخرجهم.

من المؤلم ألا نشعر بهذه المرارة تجاههم، فبعد أن قضوا سنوات الدراسة وفازوا بالنجاح والتخرج وأملوا أن يحتلوا مكانهم بالعمل وجدوا أنفسهم على قارعة الطريق، بينما يحتل غيرهم من مزوري الشهادات والمحتالين الوظائف التي هم أحق بها. هذا هو الظلم وحان الوقت لمعالجة هذا الملف المظلم.

تنويرة:

عندما تبدأ حرباً ولا تعرف إنهاءها فقد خسرتها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .