+A
A-

خبير عقاري يطالب بدفع أمانة الخبرة له مباشرة والوزارة تسحب ترخيصه نهائيا

قضت المحكمة الكبرى المدنية الأولى (الدائرة الإدارية) برفض دعوى مرفوعة من أحد الخبراء العقاريين وألزمته بمصروفاتها، والذي تم سحب رخصة الدلالة في العقارات منه بعد شكوى تم تقديمها ضده بشأن طلبه رشوة خلال مباشرته لدعوى مدنية تم انتدابه فيها بصفته خبير عقاري معتمد لدى وزارة العدل، إذ كان يطالب بإلغاء قرار لجنة تأديب الدلالين بسحب ترخيص الدلالة في العقارات منه نهائيا، مدعيا أن النيابة العامة حفظت الشكوى ضده ما يدل على براءته مما نسب إليه من هذا الاتهام، لكن المحكمة الإدارية بررت قضاؤها بأن قرار حفظ الدعوى لكون الواقعة مشكوك في صحتها لا يمنع عنه المساءلة التأديبية ولا يرفع الشبهة عنه نهائيا حيث وضع نفسه موضع الشبهات والريب وشاع أمره بين العامة والخاصة مما أفقده الثقة وأخل بهيبته.
وتتمثل وقائع الدعوى في أن المدعي والذي يعمل خبير عقارات أحيل في وقت سابق إلى لجنة تأديب الدلالين للتحقيق معه بشأن شكوى مقدمة ضده حول اتهامه بطلب رشوة، حال كونه منتدبا من قبل المحكمة الكبرى المدنية لتثمين عقار يخص المكتب الذي يعمل به الشاكي، وخلال التحقيق أقر المدعي أمام اللجنة أن المبالغ التي طلبها هي مبالغ أمانة تودع في ملف الدعاوى التي تم ندبه فيها وليست على سبيل الرشوة، وبعد انتهاء التحقيق معه انتهت لجنة التأديب إلى ثبوت قيام المخالفة التأديبية، والمتمثلة في إخلاله بواجبات وظيفته، وذلك من خلال اطلاعها على ملف النيابة العامة والتحريات الجنائية.
وأوصت اللجنة بإيقاع عقوبة سحب الترخيص نهائيا من المدعي على سند أن مبالغ الأمانة التي تقدر من المحكمة عند قيامها بندب أحد الخبراء يتم إيداعها خزينة المحكمة ممن كلفته المحكمة بسدادها، ولا شأن للخبير المنتدب في مطالبة الخصوم بهذه المبالغ، وبذلك قد وضع نفسه موضع الشبهات والريب، مما يعد إخلالا خطيرا بواجبات الوظيفة فتم اعتماد عقوبة سحب ترخيصه نهائيا بقرار من وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف.
وأضافت المحكمة أنه على الرغم من حفظ التحقيق الجنائي مع المدعي وبراءته لكون الواقعة مشكوك في صحتها، إلا أن ذلك لا يمنع من المساءلة التأديبية، ولا يرفع الشبهة عنه نهائيا ولا يحول دون إدانة سلوكه الإداري، حيث أن الفعل إذا تولدت عنه في ذات الوقت جريمة جنائية إلى جانب المخالفة التأديبية، فإن كل منهما تستقل عن الأخرى باعتبار أن لكل منهما نظاما قانونيا خاصا ترتد إليه وسلطة خاصة تتولى توقيع العقاب عليها، وأن الجهة الإدارية التي تتولى توقيع الجزاء عن الفعل بوصفه مخالفة تأديبية لا شأن لها بالوصف الجنائي للواقعة.
وأوضحت أن القرار المطعون عليه فيما انتهى إليه بإدانة مسلك المدعى وإثبات مسؤوليته عن المخالفة المنسوبة إليه، قد جاء صحيحا، ولا يكون هناك مجال للنيل من سلامته ومشروعيته، لاسيما وأن المدعى لم يأت بأوجه نعى جوهرية مؤيدة بأدلتها تنال من سلامة تلك النتيجة، بما يمكن معه إجابته إلى طلباته، ولا ينال ما تمسك به المدعي من مخالفة القرار المطعون عليه بدعوى القرار الصادر من النيابة العامة حيث أن القرار الصادر من النيابة العامة بحفظ التهمة الجنائية غير مانع من المؤاخذة التأديبية؛ إذ أن الحفظ الجنائي لا يبرئ سلوك المتهم من المسؤولية التأديبية.
وتابعت، أن قرار النيابة العامة لا يعد حكما بالبراءة ولا يكتسب في هذا الصدد حجية ما، فإن المستقر عليه هو استقلال المسؤولية التأديبية عن المسؤولية الجنائية، فلكل منهما مجاله المستقل، وبراءة العامل جنائيا لا تحول دون مساءلته تأديبيا طالما كان الفعل يشكل خروجا على مقتضيات الوظيفة، ولم تكن البراءة مستندة إلى عدم ارتكاب الفعل.