قبل سنوات طرح الإعلامي السعودي تركي الدخيل سؤالا يقول “أيهما أولى لنا نحن هنا في دول الخليج والعالم النامي؟ التنمية أم الديمقراطية؟”، وأضاف

“أثبتت الدول التي اتخذت خطاً تنموياً ولم تدخل بالثرثرة الآيديولوجية أنها الأكثر تطوراً”.

ما ذهب إليه الإعلامي تركي الدخيل عين الحقيقة والصواب، وهو ما يجول بذهني وأنا أراقب الحراك بكل من البحرين والكويت، مقارنة بالحراك الاقتصادي والتنموي بدول الخليج الأخرى، وفي هذا الإطار ومن زاوية أخرى لا أريد أن أظلم تجربة الديمقراطية ولا مفهومها ولا مضمونها بالقول إنها فشلت أو انتكست والحكم الموضوعي يفرض علينا التوقف والتأمل بهذا الصدد من باب الواقعية.

تخفيف الأعباء المعيشية هو العنوان الرئيسي في كل الصحف الخليجية من الدوحة إلى أبوظبي مروراً بالرياض والكويت وعُمان والبحرين طبعاً، إلا أن الملاحظ في هذه المسألة المتعلقة بالوضع المعيشي أن الموضوع طرح في البحرين بشدة تختلف عن بقية الدول الخليجية.

بالرغم من اتفاقي الكامل مع الكاتب فيما ذهب إليه إلا أنني أضيف أن الديمقراطية لم تعد سلوكا وتربية وتنفسا طبيعيا لهواء نقي ولا يؤثر فيها الدين والمذاهب والطوائف والتيارات والأهواء والمصالح الضيقة التي تنتج الصراعات والخلافات وتعطيل المصالح وتشوه وجه البلد وتعيد التطور إلى المربع صفر الذي كانت عليه، الديمقراطية لا تحد من الإبداع والمبادرات وتشغيل الإنتاج والحفاظ على المكاسب الوطنية والدفاع عن المنجزات، وبالمقابل لو سألنا المواطن اليوم هذا السؤال: تريد زيادة بالراتب وفرصة عمل أفضل أم تصفيقا للبحرين في المنظمات الدولية؟ ترى ماذا سيختار؟

بالتأكيد لن تعنيه عناوين حقوق الإنسان والشفافية والديمقراطية بقدر ما تعنيه وظيفة أفضل وراتب مستقر ومركز صحي نظيف ومدرسة متطورة ومنزل إسكان يليق بأسرته وأسعار مناسبة وضرائب أقل، هذا منتهى السعادة، والأوربيون ظلوا عقودا طويلة يحسدوننا بدول الخليج على هذه النعمة حتى طبقنا الديمقراطية التي كانوا يدعوننا إليها بحجة أننا دول غير ديمقراطية لم يرضهم ذلك وزاد عداؤهم لنا وتضاعف تدخلهم بشؤوننا، وهنا لا استطعنا التركيز على رغبة المواطن بتوفير السعادة التي كان يتمتع فيها من قبل ولا استطعنا إرضاء الغرب.

تنويرة: عندما لا تفرق بين العدو والصديق فإنك تغتال نفسك.