العدد 3542
الثلاثاء 26 يونيو 2018
banner
مجلس الرئيس.. المواطن أمانة
الثلاثاء 26 يونيو 2018

عندما يلتقي رجل الدولة في الإنسان، وروح الفارس بالربان، ينتصر الوطن للمواطن، يصبح أمانة في العنق، وضميرا في النفس، وحاضرا في القرار..

وعندما تتكاتف دولة المؤسسات وتجتمع، وحين تختلف وجهات النظر أو تتفق في بلاد الحضارات العريقة، تتقدم المصلحة العليا جميع الاعتبارات، وتعانق وحدة الأمة أحلامها البراقة وأهدافها الخلاقة.

بهذه الكلمات تلميحا أو تصريحا بدأ خليفة بن سلمان حديثه الأول في مجلسه الأسبوعي بعد عيد الفطر المبارك بنفس ما تفرضه مقتضيات قضية الساعات أو الأيام الأخيرة حول مشروع قانون التأمين الاجتماعي، بدأت إشارات سموه للحاضرين واضحة، وإيماءات حكمته متألقة، و“مسافات البعد التي لم تكن على قدرها” شديدة الارتباط مع قضايا الوطن والمواطن.

تحدث سموه وهو يمر على وجوه الحاضرين بشوق، عن “مشروع الساعة”، وعن إعادته مرة أخرى للسلطتين التنفيذية والتشريعية، عن الرأي والرأي الآخر، والاتفاق على كلمة سواء، عن الملاحظات والاجتهادات والوصول إلى قرارٍ فصل في جميع الأحوال.

ما لفت انتباهي في المشهد برمته، وما أثار فضولي للبدء في الكتابة فورا، أنه ما أن أصدر جلالة الملك حفظه الله ورعاه توجيهاته الكريمة إلى الحكومة الموقرة وللسلطة التشريعية من أجل إيجاد قانون للتأمين الاجتماعي يتسم بالتوازن والمراعاة لاحتياجات مختلف فئات وشرائح المواطنين، حتى هب رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله ورعاه ليأمر بتشكيل لجنة مشتركة بين السلطتين تنفيذية وتشريعية من أجل إخراج قانون جديد للتأمين الاجتماعي يراعي مختلف التوجهات ويتفق مع جميع الأطروحات.

هنا بدا سمو الرئيس كعادته كرجل دولة حكيم، وقائد عربي أصيل، ثم كأب يدرك بعبقرية المكان والزمان كيفية المواءمة بين التحديات والحاجات، بين العقبات والحلول، وبين الحقوق والواجبات.

إنها قدرة بمذاق إداري رفيع، يدخل في صميم القضايا المتشابكة فيزيدها مرونة وتألقاً، يواجه الصعاب والمخاطر بقلبٍ ملؤه الإيمان الكبير بالوطن والإحساس العميق بالمواطن.

لقد ظل مشروع قانون التأمين الاجتماعي بين شقي الرحى متأرجحا، بين مطرقة البحث والتدقيق وسندان الضرورة والمتطلبات، بين القيل والقال مترددا، أو بين أيادي السلطات خاضعا، حتى جاء التوجيه الجليل من العاهل المفدى قبل نهاية دور الانعقاد الحالي لمجلسي النواب والشورى، ليخرج الرئيس القائد فورا في أكثر من اجتماع ومن خلال مجلسه المهيب موجها بتشكيل اللجنة المشتركة، ملبيا نداء الواجب، ومؤمنا بضرورات اللحظة وكل لحظة.

سلمت يا أبا علي وأنت تتحدث في مجلسكم العامر عن أن المواطن أمانة في أعناقكم، مصالحه من مصالحكم، همومه من همومكم، وشجونه من شجونكم، ومصيره هو مصيركم.

إنها قدرة شفافة هائلة يا صاحب السمو على مجاراة الروح الإنسانية عندما تنتظر النفير، وعلى محاكاة الشعب الوفي حين تسبقة أمانيه إلى قلبكم الكبير.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية