العدد 3515
الأربعاء 30 مايو 2018
banner
قهوة الصباح سيد ضياء الموسوي
سيد ضياء الموسوي
النزف على ورق الكتابة
الأربعاء 30 مايو 2018

 لست مراهقا في الكتابة وأزعم أني أجيد فن القفز على الألغام الصحافية، وعلاقتي بالصحافة علاقة كنسية لا طلاق فيها.

ومنذ 20 عاما وأنا أنزف دما أخضر يورق ثمار قناعات لأجل الوطن، أعترف أن قناعاتي تثير حرائق في الغابة، وإني لم أنشغل بنزع خناجر زرعت في الخاصرة، لكن كل ذلك لا يغويني عن ممارسة النقد البناء.

بعض الوزراء انشغلوا عن إصلاح وزاراتهم، وعن مواضع الترهل، وعن شحوم البيروقراطية القائمة على تسويف طلبات المواطنين، بل يصل الأمر إلى التعجيز المتعمد لتطفيشهم، ورمي حاجاتهم في سلة المهملات بابتسامة ساخرة، والاكتفاء بإظهار عضلات الوزارة في الصحف، وتقطير حليب المعلومات في فم الصحافة الحريرية الناعمة كأم مترفعة على ابن تجده مشاكسا لا يشبهها، وكل معلومة يسبقها من وأذى دون سلوى.

الصحافي تستهويه المعلومة، ويشم رائحتها من بعيد غير أن حزمة الإعلانات البرغماتية التي توزعها أي وزارة على الصحافة، يراد الكثير منها كسر أسنان الصحافة من الحديث عن أخطاء بعض هوامير إدارات الوزارة المتنوعة التي تلعب بالمناقصات، أو سياسة التوظيف العائلي، أو الدخول في مغامرة الاستثمارات التي تخلط المال في مولينكس مشاريع “أنت وحظك”، التي تزيد هدرا للمال العام.

بعض المتنفذين يتعاملون مع موازنة الوزارة تماما كما يلعب مراهق لعبة البليستشن غير مكترث لا بالخطط الإصلاحية، ولا بتوصيات تقارير ديوان الرقابة التي عادة ما تضيع مع الصور الفوتغرافية التي يلتقطها بعض النواب مع الوزير مع تتبيل الصور بالزوايا المأخوذة من مواقع مختلفة، والتي نركز على ظهور “سلفستر ستالون” الوزارة بطل الشاشة الأول مرة مبتسما، ومرة يستقبل مؤلف كتاب، وتارة أخرى مكشرا.

أغلى شي في هذا الزمن هي المعلومة الصحيحة، ومنها يقيس أي مراقب أو طبيب تشخيص حجم المرض والألم، وأعظم الوزارات البحرينية في صراع دائم مع الصحافة في عدم إعطاء معلومات مهمة تقيس حجم الجروح الإدارية المنعكسة على المجتمع والوطن.

تشفير الصندوق الأسود للوزارات، ووضع الرقم السري في جيب الوزير أو حاشيته، ووضع أسلاك كهربائية تحول دون الوصول إليها وبالطرق القانونية ينافي ما خطه المشروع الإصلاحي، وسياسة الحكومة.

هذا الصندوق الأسود يجب أن يفتح للتصفيق للإنجازات، وأيضا لمناقشة الأخطاء بحرفية كما هي في بدايات انطلاق ميثاق العمل الوطني.

عودة حق السؤال لعضو الشورى لأي وزير يعيد للشفافية عافيتها بعد أن أصابها التخدير من صحافيين اشتغلوا في زفة العرس، وتلميع الصور، والتقاط السلفي مع هذا المسؤول أو ذاك.

يوميا أقوم بالتنقيب في تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية بحثا عن معلومات لأرى ماذا تغير في الوزارات، أم بقي الحال على طريقة كأنك يا زيد ما غزيت.

عندنا الكثير من العاطلين، ويمتلكون شهادات عليا، لكنهم مكدسون في البيوت في حين يتم غرز توظيفي في وزارات الدولة، ولو كان لا يناسب القماشة الوزارية، صحيح أن الوظائف شحيحة، لكن مازال هناك توظيف في وزارات الدولة، الجروح تنزف، والبلسم في أدراج الوزارات.

يقول نزار قباني “وإذا كانت صرختي حادة وجارحة، وأنا اعترف سلفا بأنها كذلك، فلأن الصرخة تكون بحجم الطعنة، ولأن النزيف يكون بمساحة الجرح”. ديوان الرقابة ظل سنينا ينزف، ويحق لنا أن نحول النزف إلى كلمات لربما يورق الجرح على ضفاف الصحافة سفنا وأشرعة لديلمون الخير.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية