+A
A-

بحر الثقافة" تستضيف جلستين لبحث دور القراءة والنقد الأدبي

أكد مستشار العلاقات الأسرية خليفة المحرزي على أن عادة القراءة والمطالعة هي نتاج غرس مبكر لدى الأطفال، وأن الطفل الذي ينشأ على رؤية والديه يمارسون عادة القراءة بانتظام فإنه من المرجح أن يكبر وهو محب للقراءة، ممارس لها.

جاء ذلك خلال جلسة "إقرأ وارتق" التي أقيمت في جناج مؤسسة "بحر الثقافة" على هامش فعاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب، حيث ألقى المحرزي محاضرة شهدت إقبالاً وتفاعلاً كبيراً من الجمهور لمدى أهمية الموضوع الذي تتناوله: القراءة والمطالعة المفيدة. 

وقال المحرزي أن الفترة العمرية التي يمكن خلالها غرس القيم السامية والعادات الإيجابية لدى الأطفال تننهي عند عمر الـ15، حيث تزداد بعد ذلك تأثير الروافد المعرفية والقيمية المحيطة بالطفل، مثل المدرسة والشارع والأصدقاء ووسائل الإعلام وغيرها. وشدد المحرزي على دور الوالدين ومسؤوليتهم في دراسة طرق التربية المختلفة واستخدامها بشكل منهجي كي يغرسوا في أطفالهم منظومة قيم متكاملة تضمن لهم نشأة سوية، وتضمن للمجتمع وجود أفراد قادرين على أن يكون لهم أثر إيجابي فيه.

من جانب آخر، استضافت "بحر الثقافة" الدكتور خيري دومة، ناقد أكاديمي، ومنال عبد الأحد، كاتبة وصحافية، في جلسة بعنوان "كاتب قارئ ناقد: أين الطرف الغائب" حيث تناولا دور النقد الأدبي في بناء المشهد الثقافي في الوطن العربي.

وقال دومة: "لقد أصبح النقد مختلفاً اليوم مع وجود المدونات وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى التي يستخدمها أفراد غير متخصصين وغير مؤهلين أكاديمياً لأداء مهمة الناقد، مما أدى إلى نقص الأساس العلمي للنقد المطروح في الساحة الأدبية. وقلَ اليوم تأثير النقد في استكشاف المواهب أو التوجهات الأدبية الجديدة، فتُكتب آلاف الأعمال الأدبية بلا جدوى، نظراً لتوخي الناقد للسهولة والسلاسة التي تخاطب ذوق العامة في طرحه النقدي، وذلك كمجاملة منه لأهوائهم، مما أفقد مهنة النقد دورها الحقيقي."

وأضاف: "لا يجوز للناقد أن يتدنى في نوعية المحتوى التي يقدمها فينصب تفكيره على جعلها مادة قابلة للاستهلاك بين العامة، فهناك من النقاد من يجعل مادته جسراً بين المتخصصين وبين العامة من الجمهور المتلقي ويتوخى الحذر عند استخدام المصطلحات العلمية ويهون النص على القارئ، وهذا هو الأسلوب الأنسب في زرع الحس النقدي بين الجميع."

وفي حديثه عن دور النقد في الوطن العربي، قال دومة أن النقد الحقيقي والبناء غائب اليوم، وهو في نفس الوقت حاضر أكثر مما ينبغي لكن النوع السائد ليس ذا أثر هام في مسيرة الأدب العربي لأنه يفتقر للتأسيس الأكاديمي الضروري." وأضاف: "تتجلى مسؤولية الناقد في المتابعة المستمرة للأدب وللإصدارات الجديدة، والتمكن من أدوات النقد بشكل واسع، والقدرة على وضع اليد على خارطة الأدب والتاريخ الأدبي، والقدرة على التقييم والتوجيه، هذه خصال أرجو أن نراها في الناقد العربي من أجل تطور المسيرة الأدبية." 

من جانبها، أكدت منال عبد الأحد على أن النقد الأدبي يتأرجح بين المديح أو الانتقاد المشبع، وكلاهما غير حيادي. ولفتت أن اليوم هناك نمط جديد من النقد، هو المقالة التي تستخدم الجمل التسويقية والترويجية والدعوة لقراءة نص معين من دون سبب واضح وهي ذات خلفية دعائية. كما أشارت إلى جنوح بعض الأدباء والكتاب إلى إخراج مادة أو سلع ثقافية تنسجم ومدارس نقدية معينة، حيث يقولبون أعمالهم وفق مزاج فئة معينة من النقاد، بغرض إرضاء البعض على حساب الجودة الأدبية. كما يلاحظ وضوح العلاقات الشخصية بين النقاد والكتاب مما يستدعي التغافل عن المعطيات العلمية الصرفة عند تقييم المنجز الأدبي.  

وشددت عبدالأحد على بروز "لوبيات" أو الدوائر الأدبية المغلقة التي تضغط على أي ناقد يود اتخاذ مسار نقدي جديد، أو يقوم بتحديث أدوات النقد التقليدية، ولذلك أصبح تأثير هذه اللوبيات الثقافية يتحكم في المنتج الإبداعي وجودته واتجاهه. ولكن تبقى الدعامة الصلبة للثقافة في العالم كله هو نوعية القراء النادرة التي تدرك الفرق بين السلعة الثقافية وبين المنجز الإبداعي. وأكدت عبدالأحد على أهمية تعزيز تواجد هذه الفئة الواعية من القراء في مجتمعنا من خلال إيجاد أفضل السبل لتأسيس الأجيال فكرياً وأدبياً ونظرياً، لكونهم سيمثلون ضمانة للحفاظ على جودة الإبداع والأدب.