+A
A-

علاقات تاريخية وطيدة تجسد أواصر الأخوة بين البحرين والكويت

في الــ 25 من فبراير الجاري، تحتفل دولة الكويت الشقيقة بأعيادها الوطنية المجيدة، وهي الذكرى الـ 57 للاستقلال والذكرى الــ 27 للتحرير، والتي تعد فرصة سنوية للأشقاء في الكويت لتجديد الولاء والحب لوطنهم الغالي وقيادتهم الحكيمة، ولتؤكد هذه الاحتفالات التي تشارك فيها مملكة البحرين التفاف أهل الكويت حول أميرهم وحكومتهم والأدوار التي تقوم بها دولتهم في شتى ربوع الأرض.
وتأتي احتفالات دولة الكويت بأعيادها الوطنية هذا العام مع مرور 12 عامًا على تولي حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مقاليد الحكم، الذي سارت الكويت في عهده من نهضة إلى نهضة ومن تقدم إلى تقدم، حتى أصبحت في طليعة البلدان المواكبة للتطور والمعاصرة في الألفية الثالثة، وتمتلك ثقلاً ودورًا محوريًا في الأوساط الإقليمية والدولية كافة.
وتشارك مملكة البحرين، قيادة وحكومة وشعبًا، أشقائها في الكويت احتفالاتهم الوطنية العزيزة في ظل علاقات متميزة تجمع البلدين على الأصعدة كافة، خاصة أن البلدين صاغتا عبر تاريخهما المشترك نموذجاً متفرداً في العلاقات، يتميز بروابط الأخوة والمحبة الصادقة والإيمان الراسخ بوحدة الهدف والمصير وأهمية النهوض بالعمل المشترك بما يحقق آمال وتطلعات شعبي البلدين في الاستقرار والتقدم والازدهار.
وواقع الأمر، أن مملكة البحرين تنظر بكل تقدير وعرفان للنموذج التنموي الذي قدمته وتقدمه الكويت على مدار تاريخها، وتعتبره نموذجا حضاريا قويا يمكن التعلم منه، سيما على الصعيد المحلي، كما تشيد بالجهود التي يقوم بها صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة في دعم كل ما من شأنه تقوية البيت الخليجي وتعزيز التضامن العربي وفق منهجية ورؤية تستهدف الخير والرخاء للبشرية كلها.
المعروف هنا أن الكويت بدبلوماسيتها الرصينة ظلت أمينة على رسالتها باذلة جهدها المتفاني من أجل القضايا الخليجية والعربية والقومية والقضايا الإسلامية وقضايا التحرير والاستقلال لشعوب العالم جميعا، ولا ينكر أحد الدور الذي قامت به دولة الكويت، وما تزال، على المستوى الخليجي ضمن الجهود الخليجية المشتركة والتي أثمرت عن قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية والقيام بمسؤولياته حتى الآن بجانب أشقائه.
وتعد الكويت عضوا فاعلا وبارزا في جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وهيئة الأمم المتحدة وفى العديد من المنظمات العربية والإسلامية والدولية الأخرى، واتسمت سياستها دائما بدعم ونصرة القضايا الخليجية والعربية والإسلامية في مختلف المحافل الإقليمية والدولية في ظل قياداتها المتعاقبة، التي حرصت دوما على إقامة علاقات وثيقة مع كل الدول العربية والصديقة في شتى أنحاء العالم.
ويبرهن النجاح الكويتي في المجال الاقتصادي على أهمية نموذجها التنموي، خاصة أنه قريب الشبه من النموذج البحريني، حيث يأتي أولا على رأس أولويات صاحب السمو أمير الكويت، كما أنه لا يصب في صالح شعب الكويت ورفاهيته وحده، حيث تشغل الكويت المرتبة 51 عالميا في تقرير التنمية البشرية لعام 2016، وإنما يصب في صالح شعوب دول المنطقة والعالم أجمع، ومنها البحرين أيضا التي تقدر هذا النجاح وهذا الدور التنموي والإنساني الذي تقوم به الكويت.
تجدر الإشارة إلى أن الشقيقة الكويت لم تتوان عن تقديم يد العون والمساعدة لأشقائها ولدول العالم كافة لمواجهة الأزمات والكوارث التي اجتاحتها، حيث قدمت مساهمات طوعية تقدر بمليار وستمائة مليون دولار، ومنحت الأمم المتحدة سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح لقب "قائد للعمل الإنساني" بعدما أرسى سموه وعلى مدى سنوات عديدة مفهوم دبلوماسية العمل الإنساني.
كما تعد الكويت من أكثر البيئات الاقتصادية المفضلة عالميا في جذب الاستثمارات الأجنبية بمتوسط نمو يصل لــ 4.1 % عام 2018 وصافي أصول مالية خارجية كبيرة وفوائض مالية في موازنتها بمتوسط 35% من الناتج الإجمالي خلال العقد الماضي.
لذلك، لم يكن غريبا أن تنمو وتتشعب العلاقات المشتركة التي تربط كلا من البحرين والكويت، ليس فقط على مستوى القيادات التي ترتبط برباط المودة والأخوة الصادقة على مدار التاريخ، وإنما على مستوى الحكومات والشعوب أيضا، حيث إن أهم ما يميز العلاقات البحرينية . الكويتية هي تطورها على الصعيد الشعبي والأهلي، حيث يرتبط شعبا البلدين برباط النسب والقربى، وكثير من العوائل في البحرين لها وشائج قوية بنظيراتها في الكويت، الأمر الذي يفسر تقارب الطابع الاجتماعي والحميمية في العادات والتقاليد والثقافة بين البلدين، وليس هناك أي فروق أو حواجز بينهما، فمنذ مدة طويلة يعيش أهل الكويت في البحرين والعكس، كما إن التزاور بينهم لا ينقطع والتفاعل مع المناسبات الوطنية في البلدين صفة متبادلة ومشتركة.
وحقيقة الأمر، أن نموذج العلاقات البحرينية الكويتية المتفرد ينبع من حرص حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المفدى حفظه الله ورعاه وأخيه صاحب السمو الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت حفظه الله ورعاه، على تعزيز هذه الأواصر الأخوية والتاريخية بينهما، والوصول بها إلى أعلى المستويات بما يسهم في المزيد من التعاون المشترك لصالح شعبي البلدين ورقيهما.
والمعروف أن العلاقات السياسية البحرينية ـ الكويتية تتميز بتوافق في الرؤى والمواقف تجاه القضايا الإقليمية والدولية، وهي تشهد ارتباطاً قوياً وممتداً عبر الزمان لم تنل منه الأيام أو توهنه الظروف والمحن، بل ساعدت على تقوية روابطه والدفع به إلى مستويات عليا من التواصل والتلاحم والتآزر والتعاضد.
ويؤكد ذلك: الاهتمام المشترك الذي تبديه البلدان للتصدي لمختلف القضايا الأمنية، وضرورة اجتثاث كافة ظواهرها السلبية من خلال التعاون الأمثل لدرء كل ما من شأنه تهديد الأمن الداخلي وتعطيل خطط التنمية وعرقلتها، وتعكس التفاهمات البحرينية الكويتية في هذا المجال عمق الرؤية الاستراتيجية لدى البلدين، خاصة في ظل تأكيدها على أن أمن البحرين والكويت هو أمن واحد مشترك، وأن خيار التعاون هو البديل الأمثل لتحقيق الكفاءة المطلوبة للجهود الأمنية.
كما أن الزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين عززت من قوة العلاقات الثنائية، خاصة أن هذه الزيارات التي لا تنقطع بحمد الله تعطي مؤشرات قوية على حرص قيادتي البلدين على الانطلاق بالعلاقات المشتركة نحو مجالات أرحب بما يعود بالخير والنفع على شعبي البلدين.
وقد انعكس عمق العلاقات السياسية بين البلدين إيجاباً على علاقاتهما الاقتصادية في ظل وجود شراكة اقتصادية بين العديد من مؤسساتهما، حيث تشكلت لجنة مشتركة عام 2002، ونجحت على مدى 9 اجتماعات في توطيد أواصر التعاون بين البلدين في جميع المجالات.
وكانت هذه اللجنة قد عقدت اجتماعها الأخير يوم 16 أبريل 2017 بدولة الكويت، حيث تم التوقيع على 3 مذكرات تفاهم في مجال التعاون البرلماني لجهات التنسيق الحكومية مع السلطة التشريعية، وفي مجال الطاقة الكهربائية، وبشأن التعاون في مجال الأسواق المركزية الشعبية، كما تم التوقيع على 3 برامج تنفيذية في مجالات: التربية والتعليم، والثقافة والفنون والآثار، وحماية البيئة.
ونظرا لمتانة العلاقات السياسية والاقتصادية التي تربط البحرين بالكويت وتشعبها، فقد ارتفع حجم التبادل التجاري بينهما عام 2017 إلى أكثر من أربعة أضعاف مقارنة بمستواه عام 2011 ليصل إلى 400 مليون دولار، مقابل 95 مليون دولار في 2011.
وتعد البحرين أكبر مقصد للاستثمارات الكويتية المباشرة بحوالي 25 % من إجمالي هذه الاستثمارات بقيمة تقدر بـ 665 مليون دينار كويتي (2.250 مليار دولار) عام 2015، كما تعد من أبرز الوجهات السياحية للكويتيين، فمعدل الرحلات الجوية بين البلدين بلغ نحو 57 رحلة أسبوعيا فضلا عن الرحلات البرية.
وترتبط بورصتا الأوراق المالية في البلدين باتفاقية للربط والتداول المشترك بينهما اكتسبت أهميتها في ظل وجود العديد من الشركات الكويتية المسجلة في بورصة البحرين والعديد من رؤوس الأموال البحرينية المسجلة في سوق الكويت للأوراق المالية.
إن مملكة البحرين إذ تشارك شقيقتها الكويت الاحتفال بأعيادها الوطنية وتجربتها التنموية الرائدة، فإن ذلك يأتي انطلاقًا من عمق روابط الأخوة ووشائج القربى التي أرساها الأجداد والآباء، وتعبيرًا عما يكنه الشعب البحريني من محبة وتقدير لأشقائه في دولة الكويت، وإن فرحتهم بعيدهم الوطني تجد صداها في النفوس والقلوب، لتجسد خير شاهد على عمق العلاقات والروابط الأخوية بين البلدين والشعبين الشقيقين وتميزها على المستويات كافة.