العدد 3393
الأحد 28 يناير 2018
banner
مجلس الرئيس... “ممر” الرسوم
الأحد 28 يناير 2018

يبدو أن ممر الرسوم يفضي دائمًا إلى طريق مسدود، حيث الأعباء الأعلى، والمعاناة الأكثر، والتضخم المبالغ فيه، لذا فإن القارئ الدقيق يستطيع أن يلمح ما بين السطور مدى تأثر رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله ورعاه، عندما يأتي الحديث عن فرض رسوم جديدة، أية رسوم جديدة.

إن المتتبع للوزارات المتعاقبة يستطيع أن يلاحظ أن الحكومة كانت لا تلجأ إلى زيارة المصروفات أو مضاعفة الرسوم على المواطنين أو حتى على المؤسسات لعلاج مشكلة اقتصادية “ما”، أو لرأب الصدع في قطاع يرفض الانصياع لمنظومة الدولة المستقرة، كان سموه وما يزال حريصًا على مستوى معيشة المواطن، على كرامته الحياتية، وعلى قدراته المالية، وعلى الوفاء بالتزاماته تجاه معاناته اليومية.

إن سمو رئيس الوزراء دائمًا وأبدًا كان حكيمًا وهو يقود وزراءه نحو التريث عند ترشيد الإنفاق أو ضبط النفقات، في الثمانينات من القرن الماضي تحديدًا ترأس حفظه الله ورعاه مجلسًا استثنائيًا، وقام بتشكيل لجان وزارية على أعلى مستوى؛ بهدف تنشيط الوضع الاقتصادي بدلًا من الاستسلام لزيادة الأعباء على المواطنين، أو حتى على المؤسسات المنتمية للقطاع الخاص، كان الحرص شديدًا على أنه لا مساس بحق المواطن في حياة أفضل، وفي تنمية أقدر، وفي استدامة أشمل.

تم تمديد البرنامج الرباعي للتنمية إلى سداسي عن طريق زيادة أعمار بعض المشروعات غير الضرورية والبدء فورًا في تنفيذ المشروعات الضرورية، كما تم منح القطاع الخاص فرصًا أكبر للمساهمة في عملية التنمية، لم يُقصر معها أو عليها، لم يُضيق الخناق على حريتها أو على حركتها، منحها قوة مضافة، لتحقق قيمة مضافة، وفر لها التسهيلات ورفع عنها سطوة البيروقراطية، وهيأ لها مناخًا مستقرًا بتشريعات مستقرة، فأجادت، وساهمت، وتمكنت، وأصبح لديها من الرصيد ما يؤهلها للمساهمة في رفع الأعباء عن كاهل الدولة، بل ورفع الحرج عن الحكومة حتى لا تلجأ إلى قبضة الرسوم الحديدية، أو إلى زيادة الأعباء الضريبية.

التسهيل لا التعسير هو سمة حكومة البحرين خلال أزمنتها المتعاقبة، ولا أظن، ولا يظن أحد غيري أن زيادة الرسوم يمكن أن تحل مشكلة، وأن فرض الضرائب تحت أي اسم أو أي عنوان يمكنه انتشال السفينة المجهدة من دوامات الرياح العاتية.

إن التضييق على القطاع الخاص، أو عرقلة مسيرته تحت ما يسمة بضوابط ضرورية أو زيادة الأعباء على المواطنين ضمن ما يطلق عليه بإعادة التوازن لميزانية الدولة، لم تكن في يوم من الأيام هي ديدن الحكومة الموقرة، ولا القيادة الحكيمة، لذلك أسفر الاجتماع المبارك الذي ضم جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء حفظهما الله مؤخرًا عن تجميد الآليات المعطلة وتأجيل زيادة أية رسوم حتى الانتهاء من إعادة هيكلة الدعم وضمان وصوله إلى مستحقيه، خصوصا الذين يتأثرون، والذين يعانون، والذين تسبقهم الحاجة إلى سواهم.

التناغم المبرمج بين السلطتين التنفيذية والتشريعية لإيجاد حالة متطورة من التفاهم بشأن تحديات المرحلة، وأية مرحلة، هو المطاف الذي آل إليه الاجتماع الحاسم بين مثلث القيادة المنيع فأنتج وأثمر وعَبّر عن طموح الشعب بالنزول إلى رغبة الشعب.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .