العدد 3386
الأحد 21 يناير 2018
banner
أكثر من ريح تعصف بعباءة خامنئي (1)
الأحد 21 يناير 2018

هل تشهد الدول الديمقراطية “بحق” فتنا وانتفاضات ضدها؟ ولا أستشهد بالدول الغربية، إنما أذكر على سبيل المثال لا الحصر، دولا مثل الهند وكوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا وأخرى مماثلة لها، ففي هذه الدول تحدث إضرابات وتظاهرات واعتصامات وعلى إثرها تستقيل حكومات أو يقدم مسؤولون كبار للمحاكمة، أما في الدول الديكتاتورية فإن التظاهرات والإضرابات والاحتجاجات التي تتصدى للنظام وتطالب بتغييره، فإنها تعتبر فتنة ومؤامرة ويجب محاكمة ومحاسبة قادة الفتنة! أتساءل؛ لو كانت قد حدثت انتفاضتا حزيران 2009 وديسمبر 2017، اللتان قام بهما الشعب الإيراني في دول ديمقراطية كسنغافورة أو ماليزيا أو كوريا الجنوبية، فهل كانت ستؤدي إلى ما أدت إليه على يد السلطات الإيرانية؟ المشكلة أن آية الله خامنئي، الذي يعتبر نفسه ظل الله على الأرض، لا يزال يصر هو ورهطه من الملالي الحاكمين في إيران على أن هاتين الانتفاضتين كانتا “فتنة ضد النظام”، وبما أن النظام يختصر في شخص آية الله خامنئي، فإن المنتفضين يعتبرون بحسب أدبيات النظام، مخطئين ومارقين ومحاربين ضد الله، أما آية الله خامنئي ورهطه من الملالي الحاكمين فحاشاهم من ذلك!

لا يوجد نظام سياسي في العالم كله يتهم الشعب بالخيانة والمروق والفتنة ويعتبر نفسه فوق الأخطاء كما الحال مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تحفل بتناقضات صارخة ومفارقات تثير التقزز وليس الضحك والسخرية، إذ في الوقت الذي يعترف فيه مسؤولون إيرانيون بأن نصف الشعب يعيش تحت خط الفقر، وتعاني أعداد كبيرة جدا تقدر بالملايين من المجاعة، وتتضاعف أعداد العاطلين عن العمل، حيث صاروا يشكلون جيوشا، فإن القادة الكبار في النظام يتهمون بعضهم بالفساد ونهب المال العام، ولعل ما يجري بين جناحي النظام بصورة عامة وبين الرئيس السابق أحمدي نجاد وبين رئيس السلطة القضائية آية الله صادق لاريجاني، بصورة خاصة، وهذا ما يوضح سبب ما يعانيه الشعب من أوضاع معيشية وخيمة، تماما كما يقول الإمام علي ابن أبي طالب: ما من نعمة موفورة إلا وبجانبها حق مضاع.

الفرحة الزائفة والمخادعة التي يموه الملالي في طهران ولاسيما خامنئي، أنفسهم بأن الفتنة “أي الانتفاضة بحسب أدبياتهم الفريدة من نوعها” قد انتهت، لا تتطابق أبدا مع حالة القلق والتوجس التي تعتريهم وتهيمن عليهم، وعن ما يسمونه “الفتنة” اعترف العالم كله بها كانتفاضة حتى حلفاؤهم الروس وأردوغان، ولعل ما جرى لآية الله محمود شهرودي في ألمانيا عندما اضطر لقطع علاجه والعودة خلسة بما يشبه الهروب خوفا من استدعائه للمثول أمام المحاكم الألمانية بتهم ارتكابه جرائم ضد الشعب الإيراني، دليل واضح على أن العالم لا ينظر للقضية من خلال عباءات الملالي في طهران ولو كان آية الله شهرودي واثقا من نفسه فلماذا لم يبق ليواجه التهم الموجهة له ويدحضها؟. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .