العدد 3253
الأحد 10 سبتمبر 2017
banner
مجلس الرئيس... د. عبدالله الحواج
د. عبدالله الحواج
على خُطى الرئيس
الأحد 10 سبتمبر 2017

كانت الإشارات واضحة في مجلس الرئيس، سموه يعاتب “الغرفة” لأنها تتحرك في اللحظات الأخيرة، كونها كيانًا يصل دائمًا بعد انتهاء المواعيد، وبعد أن تطير الطيور بأرزاقها.

كانت المناقشات مبشرة في مجلس الرئيس، سموه لا يرى في آلية الرسوم حلولاً جذرية لعثرات الاقتصاد، ويفضّل دائمًا التدرج في تنفيذ مشاريع الإنقاذ لأي قطاع، التجار شأنهم في ذلك شأن باقي الفئات لا ينبغي أن يتحملوا مزيدًا من الأعباء، ففيهم من تعرقلت خططه، وتعطلت مشاريعه، وبينهم من يرى أن الرسوم جزء من واجبات رجال الأعمال تجاه بلادهم، وبين أولئك وهؤلاء يقف الرئيس الوالد حكمًا حكيمًا يشد من أزر الجميع، ويربت على أكتاف الجميع، لا فرق عنده بين من يتحمل الأعباء، والآخر الذي يمقتها، بين من يحرص على إيجاد حلول عاجلة لمشكلات الميزانية العامة للدولة، ومن يرى في التريث والبحث عن بدائل مشروعًا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

لكن ولأن فاقد الشيء لا يعطيه، ولأن الكل سواسية في المواطنة والعطاء، والكل سواسية في البذل والقدرة على الوفاء، أصدر رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله ورعاه قراره الحاسم بتأجيل زيادة رسوم السجل التجاري لمدة ستة أشهر، المغزى والمحك واضحان في القرار السامي وينسجمان مع توجيهات سموه الرامية إلى ضرورة التقاط الأنفاس، إلى مراجعة الإمكانيات والفرص، إلى إعادة النظر في أوضاع الشركات، وإنجاز الفرز المبرمج للقادرين وغيرهم، للكبار ودونهم، وللدولة مع القطاع الخاص، ربما تجري مياه أكثر عذوبة من التي نراها في نهر الاقتصاد المتردد، وربما نشهد روادًا أقدر مرورًا من بين العواصف والطواحين، لكن الأكيد أن رؤية الرئيس الوالد كانت هي السباقة دائمًا، هي الفنار الذي تتحرك في مضماره السفن الراغبة في الوصول، وتلك التي تكابد من أجل أن ترى بصيصًا من النور.

من هنا كان التخفيف على التجار مجرد وسيلة على المحك، محاولة على الطريق، الفرصة وقد وفرها رئيس الوزراء، إعادة النظر في الأداء، في الجهد المبذول، في الإدارة التقليدية لمنظومة الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ومحاولة استنفار طاقات بديلة.

ستة أشهر في نظري تكفي، لترتيب الأوراق المبعثرة، “وتوضيب” البيت التجاري من الداخل، لكن لا يمكن للحكومة أن تفعل للتجار كل شيء، لا يمكن أن يستمر الطفل المدلل في التخلي عن مسؤوليات وطنه، أو عن مواقفه الريادية التاريخية المعروفة، في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي وضعت الحكومة يدها في يد التجار وتصديا معًا لأعاصير السوق النفطية المضطربة، واجتازا بنجاح باهر سياسة ترشيد الإنفاق، وها هي اليوم تضع الحكومة يدها في يد التجار لمواجهة العجز المزمن في الميزانية العامة للدولة، ومكافحة التفاقم المقلق في سقف الدين العام، المحلي منه والخارجي، لكن السؤال المطروح هو هل تأجيل “الرسوم” يسد الرمق؟ أم على القطاع الخاص ممثلاً في “الغرفة” أدوار استباقية أكثر حزمًا وحسمًا ووعيًا باحتياجات المرحلة؟.

هل لدى الحكومة مخطط أبعد من مجرد تأجيل لرسوم أو فرض لأخرى، أو تلويح بضرائب؟ هل لديها رؤية لفتح آفاق جديدة أمام القطاع الخاص لكي يساهم بفعالية أكثر في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والوصول إلى رؤية 2030م ونحن في كامل الصحة واقتصادنا في تمام العافية؟

أظن أننا نحتاج فهمًا أعمق لرسائل “الرئيس”، لاقتفاء آثار خطى سموه من مجلسه العتيد، و... اجترار وصاياه المنبثقة من خبرة وعلم وتجربة نحن في أمسِّ الحاجة إليها، من أجل عالم أفضل في وطن أقدر.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية