العدد 2857
الأربعاء 10 أغسطس 2016
banner
رؤية مغايرة فاتن حمزة
فاتن حمزة
أحمد زويل وأسباب هجرة العقول
الأربعاء 10 أغسطس 2016


غادر العالم المصري أحمد زويل عن عمر ناهز 70 عاما، بعد صراع مرير مع مرض السرطان، غيبه الموت بمنزله بالولايات المتحدة الأميركية، لتفقد مصر – والعالم - أحد علمائها الذين تفوقوا في المحافل الدولية، محققاً العديد من الإنجازات العلمية في الكيمياء، كما حصل على جائزة نوبل لاكتشافه الفيمتوثانية.
استحضرت وأنا أقرأ خبر وفاة أحمد زويل رحمه الله قصة قرأتها عن عنترة بن شداد الذي نشأ عبداً يرعى الإبل محتقراً في عين والده وأعمامه، وحدث أن أغار بعض العرب على عبس واستاقوا إبلهم فقال له أبوه: كُرّ يا عنتر فقال: العبدُ لا يحسن الكَرّ إنّما يحسنُ الحِلاب والصّر، فقال كُرّ وأنت حُر، فقاتل قتالا شديداً حتى هزم القوم واستنقذ الإبل.
الشاهد من القصة لو أسقطناها على واقعنا أن الحرية والسخاء في تقديم المساحة الفكرية وتوفير البيئة الملائمة هي التي تقود إلى الإبداع، وهو أمر مفقود في مجتمعاتنا إلا بالحيز الضيئل.
كم يعز علينا ونحن الأمة التي قادت العالم في قرون ظلامها إلى النور، أن نجد أنفسنا في ذيل الأمم، لا إبداع، لا حرية حقيقية، حجر على الطموح، تغييِب الهمم، قتل الروح الخلاقة، نقص الوازع، تقديم الصالح الخاص على العام، وقائمة من الأعذار يطول ذكرها! ثم نتساءل عن علة هجرة الأدمغة إلى الخارج.
انتقاءات تبنى على محسوبيات حرمتنا الاستفادة من خبرات وكفاءات جديرة ببناء وتطوير مجتمعاتنا العربية، إبداعات يكرمها الغرب ويدرك أهميتها ناهيك عن دعمها مادياً ومعنوياً، بينما نقوم بإقصائها وتحويل عطاءاتها وانتماءاتها، لنصل إلى تدهور في الإنتاج العلمي والبحثي في وطننا، بالمقارنة مع البلدان الغربية!.
رحم الله أحمد زويل ومن سار في ركابه، مات وفي نفسه غصة مما آل إليه أمرنا، مات وصدى كلماته تتردد في آذاننا “إنني أريد أن أخدم مصر في مجال العلم وأموت وأنا عالم”.
نم في قبرك قرير العين، فقد أديت رسالتك، ومت عالماً، وأي عالم، ولكن بعيداً عن وطنك، ومثلك كثير.
أما نحن فلم تسمع منا لو عُدتَ إلينا سوى “ان العبدُ لا يحسن الكَرّ إنّما يحسنُ الحِلاب والصّر”. ننتظر من يقول لنا “كُرّ وأنت حُر”، ولكن هل سنسمعها؟ لا أظن ذلك!.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية