العدد 2815
الأربعاء 29 يونيو 2016
banner
لماذا تعطلون قانون الأسرة؟
الأربعاء 29 يونيو 2016

عشر سنوات وقانون الأحوال الشخصية يرقد في الأدراج. إنّ السؤال الذي يشغل بال الجميع هو إلى متى يبقى القانون مغيبا ومن هم الذين يقفون وراء تعطيل إصداره كل هذه السنوات؟ الأسباب المعيقة لإصداره حتى اللحظة تبدو غير مفهومة وغير مقنعة. مؤخرا كشفت رئيسة الاتحاد النسائي البحريني فاطمة أبو إدريس عن اطلاق عريضة يقودها الاتحاد تهدف الى حث السلطتين التشريعية والتنفيذية على اصدار القانون.
 هل يُقدّر للتحرك المشار اليه ان يحقق آمال هذه الشريحة الواسعة؟ نعني هل تتحقق المعجزة ويشرع اعضاء السلطتين في اقرار القانون أم انّ الحركة المشار اليها ستلاقي المصير ذاته الذي واجهته التحركات السابقة ويعود الجميع الى نقطة الصفر. لا نعتقد أنّ التطمينات بأنّ الحراك الذي يقوده الاتحاد النسائي وأنّ القانون سيتم في اطار الدين والشريعة ولن يكون مخالفا لها ستكون كافية لإقناع المعترضين على القانون من جهة ومجلسي النواب والشورى من الجهة الثانية لمناقشة ومن ثم إصدار القانون.
إنني أتساءل والآلاف يتساءلون معي بألم وحرقة: الى متى يبقى نصف المجتمع البحرينيّ ينتظر من بيدهم الأمر للتحرك ومناقشة القانون؟ نعم انّ المناهضين لإصدار الشق الجعفري من قانون الاحوال الشخصية شددوا حملتهم ضد اصداره ولكن السؤال هو ما البديل اذا كان كل طرف متمسكا بوجهة نظره الرامية الى تعطيل القانون؟
في غياب القانون المشار اليه فإنّ هناك الآلاف من النساء المعلقة قضاياهنّ في المحاكم نظرا لغياب المواد التي بمقتضاها تستطيع هيئة القضاء ايجاد حلول لمشاكلهنّ اسوة بقانون احكام الأسرة الآخر (الشق السنيّ) الذي تم اقراره من قبل البرلمان في العام 2008م.
 ثمة تساؤلات مؤرقة: أين تكمن المشكلة في تعطيل القانون طيلة هذه السنوات؟ انّ الاجابة ببساطة تتمثل في ما سبق ان طالبت به فئة من رجال الدين من ضرورة ايجاد “ضمانات دستورية” خشية ان تجري عليه تعديلات مستقبلاً تحرف القانون عن مساره وقد تفضي الى ما لا يحمد عقباه. إنّ هؤلاء المتخوفين من اصدار القانون يؤكدون على “الضمانات” وفي ذاكرتهم قوانين احكام اسرة تم اقرارها في غير بلد عربيّ تضمنت مواد مناقضة للشريعة الاسلامية. لعل النموذج هنا الاشدّ بروزا قانون الاسرة التونسي الذي اتاح للمرأة حقوقا اثارت الكثير من الجدل لما يعتقد انه يشكل مخالفة صريحة للشريعة الاسلامية.
 لعلّ المتابعين لمسار القانون يتذكرون انّ مجلس الشورى أكدّ انّ مزاجية بعض رجال الدين تمثل العائق في اصدار القانون. وبودنا لو انّ هؤلاء لمسوا مدى ما تكتوي به آلاف الاسر من اوضاع بالغة القسوة نتيجة تأجيل قضاياها في المحاكم لسنوات ناهزت العشر. طبقا لإحصائية صادرة من المحاكم قبل سنوات اشارت الى انّ اعداد القضايا المؤجلة ناهزت السبعة آلاف قضية في عام واحد فقط!
إحدى المعضلات التي تعترض اقرار القانون تتمثل في الخلاف حول مسودة القانون. وفي هذا الاطار نتّذكر انّ احدى الكتل النيابية قد أعلنت قبل عامين انّ المسودة المعروضة تراعي الخصوصية المذهبية ولن تكون متجاوزة الحدود الشرعية او متعدية الضوابط الاسلامية مما اشاع في النفوس الفرح، غير انّ القضية بقيت تراوح مكانها مما يعني انّ القانون مجمد حتى اشعار آخر ويعني أيضا انّ آلاف الأسر تجتر آلامها بصمت.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية