تتميز مملكة البحرين بكونها أرضًا للتسامح والتعايش بين أفراد مجتمعها ومكوناتها الاجتماعية، وهناك العديد من الدلائل والمؤشرات على هذا التعايش الإنساني الاجتماعي في مملكة البحرين، ومن بينها: أولاً ــ دستور مملكة البحرين وتعديلاته في عام 2012م الذي لا يُميز بين أحدٍ من أفراد المجتمع، ويجعل الجميع متساوين في الحقوق والواجبات السياسية والاقتصادية والمهنية والحقوقية والاجتماعية، كما جاء ذلك في مواد الباب الثالث للدستور البحريني (الحقوق والواجبات العامة). ثانيًا ــ الجوامع الوطنية المشتركة بين الجميع، وهذه الجوامع هي بالدرجة الأعلى من الانتماءات الدينية والمذهبية والعرقية، حيث يكون الانتماء إلى البحرين وجودًا في المقام الأول للإنسان في البحرين. ثالثًا ــ الثقافة العامة للشعب البحريني وتقبل الآخرين في أعراقهم ودياناتهم ومذاهبهم، وهو ميراث تاريخي ومخزون وطني من الوعي الوطني الاجتماعي منذُ القدم. رابعًا ــ التماسك الاجتماعي والوطني لأهل البحرين الذي ظهر في لحظات الأحداث المؤسفة التي مرت بها البحرين، وتمثل في الوحدة الوطنية بين جموع المواطنين ووقفتهم الوطنية مع قيادتهم السياسية الشرعية في البلاد في العمل على تحقيق الأمن والاستقرار. خامسًا ـ الخطاب السياسي الرسمي والوطني الأهلي البعيد عن النزاعات الدينية والطائفية والعرقية. سادسًا ــ تساوي جميع المواطنين من مختلف الديانات والمذاهب في التمتع بجميع الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية والقانونية في كل القطاعات الرسمية والأهلية. سابعًا ــ رفض كل أشكال التمييز بين المواطنين، لكونهم متساوين في كل شيء، ذكورًا وإناثا. ثامنًا ــ محاربة الخطابات الدينية الداعية للتفرقة بين الأديان والمذاهب والأعراق المتنوعة، ومساءلة من يخترق ذلك.
ومملكة البحرين اليوم تعيش في حالة منفردة ومتميزة عن كثير من الأقطار العربية والأجنبية في سياسة التسامح والتعايش بين الأديان السماوية والدنيوية ومذاهبها المختلفة التي تهدف جميعها إلى العبادة الخالصة لله الواحد الأحد، وهي سياسة تهتم بها الدولة لكونها سياسة مساعدة لسياسة المواطنة، ومؤسسة لدولة القانون والمؤسسات، ونقطة انطلاق لتحقيق مبادئ المساواة والمواطنة وعلى رأسها “حرية التدين والاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية” وهي تتوافق مع المادة الدستورية (22). بجانب آخر فإن الشعب البحريني بجميع مكوناته يعيش حالة منعشة من التسامح والتعايش إيمانًا ووجودًا، وأهل البحرين يتسمون بالقدرة الفائقة على المغفرة والصفح، وعدم التمييز بين الناس، ويرفضون إقصاء الآخر، ويتساوون في عيشهم مع كل الأديان والأعراق.
ومَن يقرأ دستور مملكة البحرين وتعديلاته وقبله ميثاق العمل الوطني يجد أن النصوص الواردة فيهما لا تؤدي إلى التمايز بين المواطنين أيًا كانت انتماءاتهم السياسية أو الدينية، والسياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تنتهجها حكومة البحرين تنبذ التمييز وتحث على التسامح بين جميع أفراد المجتمع، كما أن وزارة التربية والتعليم وضعت المناهج التربوية والتعليمية التي تغرس قيم التسامح كمفهوم وممارسة بين طلبة مدارسها والمدارس الخاصة، وتقوم بعمل العديد من الورش التدريبية لإدارات المدارس والمعلمين والمعلمات ولطلبة المدارس حول التعايش والتسامح والمواطنة. كما أن الجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني من سياسية وحقوقية ومهنية واجتماعية تضع برامج نظرية وتنظم ورشا عملية حول مبدأ التسامح والتعايش لترسيخ ثقافة التعايش ببين كل أفراد المجتمع، وحثهم على تربية أبنائهم على التسامح والتعايش وتقبل الآخر داخل الأسرة أولاً وفي المجتمع ثانيًا.
إن التعاون بين الدولة ومؤسسات المجتمع المدني والأسرة من أهم عوامل إنجاح ثقافة التسامح وقبول الآخر سياسيًا ودينيًا ومذهبيًا واجتماعيًا، والإعلام يلعب دورًا كبيرًا في غرس ثقافة المواطنة والتسامح والتعايش من خلال الكتابات والبرامج الإعلامية الهادفة، الثقافة التي تحمل العديد من الأبعاد التي تستهدف التغيير الإنساني والكشف عن المضامين الإنسانية في مفهوم التسامح والعفو والتفاهم من أجل تحقيق السلام الاجتماعي في البلاد. إن الفهم الجيد لمبادئ التسامح والتعايش يؤصل لحوار شاف لقيم التعاون الإنساني ويُحقق السلام، وبه يكون المجتمع قادرًا على بناء مجتمع أكثر أمنًا وعدالة، ويهيئ أجمل الفرص لحوار الثقافات الإنسانية من أجل بناء مستقبل الحضارة البشرية، ولهذا السبب آمنت مملكة البحرين وقيادتها وشعبها بمبدأ التسامح والتعايش المشترك، وجسدت ذلك في قوانينها ونهجها وصاغت “ثقافة التسامح والسلام ومبادئها” في مواد دستورها وفي كل برامجها الحكومية.