+A
A-

رئيس “فوم” الإيطالية: خريطة طريق متكاملة لتأهيل خليج توبلي

قال رئيس شركة فوم الإيطالية (VOMM) كورادو فيزاني إن خليج توبلي يواجه مشكلة بيئية خطيرة بسبب عمليات تفريغ النفايات والمخلفات، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع نسبة التلوث إلى معدلات تنذر بوقوع كارثة بيئية تهدد الحياة الفطرية والبحرية في الخليج الذي صنف رسميًا كمحمية طبيعية حسب التصنيف الدولي للمحميات، وتم إعلان المنطقة موقع ضمن قائمة الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية، بموجب اتفاقية الأراضي الرطبة “رامسار”.

وأضاف فيزاني في حوار مع “البلاد”، أن شركة “فوم” أجرت دراسات على الوضع في خليج توبلي وخرجت بخطة لحل المشكلة بشكل جذري، عبر وقف التلوث الذي تسببه محطة الصرف وتنظيف الخليج من الحمأة، ثم معالجتها وتحويلها إلى مواد عضوية جافة يمكن إعادة استخدامها في توليد الطاقة، مشيرا إلى أن تكلفة المشروع لا يمكن تحديدها بدقة إلى بعد الاتفاق على الأساسيات الهندسية واللوجستية. 

وفيما يلي نص الحوار:

فيما تتخصص شركة فوم؟                                             

فوم شركة إيطالية تأسست منذ 50 عاما، ويعتمد نشاط الشركة على إنتاج التكنولوجيات والتطبيقات الصناعية المختلفة، وتملك الشركة خبرة في القطاع البيئي تمتد لأكثر من 30 عاما، ولدى الشركة مشاريع كبيرة في منطقة الخليج والشرق الأوسط وشمال أفريقيا. 

واليوم “فوم” هي من الشركات العالمية الرائدة في مجال معالجة مياه الصرف الصحي والحمأة الناتجة من الصناعات البتروكيماوية ومخلفات مصافي التكرير وغيرها من الصناعات الثانوية.

 

ما سبب وجودكم في البحرين؟

نحن موجودون في البحرين منذ نحو 15 عاما، وقد قمنا بإنشاء محطة توبلي للصرف الصحي، ونقوم بأعمال تشغيل وصيانة المحطة منذ 7 سنوات، وقد شاركنا ضمن وفد إيطالي رفيع المستوى يضم عددا من الشركات الإيطالية الرائدة في قطاعي الصناعة والبيئة، حيث عرضنا مشروعا طموحا لتنظيف خليج توبلي يتضمن حلا جذريا لمشكلة التلوث بما يضمن عدم تكرار المشكلة في المستقبل.

 

ما حجم وأسباب المشكلة في خليج توبلي؟ وكيف يمكن حلها؟

خليج توبلي يواجه مشكلة بيئية في غاية الخطورة وتستدعي حلا جادا وشاملا. لقد درسنا الوضع الحالي ووجدنا أن السبب الرئيس للمشكلة هو التلوث المستمر الناتج من مخرجات محطة توبلي لمعالجة مياه الصرف الصحي التي يتم التخلص منها في مياه الخليج والتي تراكمت بمرور الزمن في قاع الخليج، وخرجنا بخطة لحل المشكلة بشكل جذري، وهو الحل الذي يستدعي العمل على خطين متوازين؛ الأول وقف التلوث الذي تسببه محطة الصرف والثاني تنظيف الخليج من الحمأة، ثم معالجتها وتحويلها إلى مواد عضوية جافة يمكن إعادة استخدامها في توليد الطاقة.

 

كيف يمكن وقف التلوث الناتج من محطة توبلي؟

وضع المحطة حاليا تغير عما كان عليه عند إنشائها قبل 15 عاما، فكمية مياه الصرف التي تعالجها المحطة زادت بمعدل كبير، وهناك حاجة ملحة لتطوير المحطة وتوسعتها لزيادة قدرتها على معالجة مياه الصرف التي تستقبلها ووقف تدفق الحمأة الزائد والملوثات إلى مياه الخليج.

قدمنا إلى وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني خريطة طريق متكاملة لتطوير محطة توبلي ورفع قدرتها على معالجة الحمأة وتنظيف الخليج من جميع الملوثات. وتتضمن الخطة استغراق الحمأة والأوساخ العضوية ومعالجتها.

 

ألم تتوقعوا حدوث هذه المشكلة عند إنشائكم المحطة؟

كما قلت الوضع حاليا تغير عما كان عليه عند إنشاء المحطة قبل 15 عاما، وقد أبرمنا عقدا لتشغيل وصيانة محطة توبلي منذ 7 سنوات، وخلال تلك الفترة تغيرت أمور كثيرة من بينها دمج وزارة الأشغال وشؤون البلديات في وزارة واحدة، ولدينا مستحقات متأخرة تقدر بنحو 4.8 مليون دينار لم نستلمها إلى اليوم، ونتيجة لعوامل عدة لم يتم تطوير المحطة كما كان مخططا، لكن الوضع الحالي يستدعي الإسراع باتخاذ قرار لعلاج المشكلة قبل أن تتفاقم وتخرج عن نطاق السيطرة.

 

كيف يمكن تنظيف الخليج؟

فكرتنا تعتمد على استخدام قوارب خاصة مجهزة بمعدات لشفط الأوساخ من قاع الخليج، وسيتم تقسيم الخليج إلى قطاعات، بحيث يتم غلق قطاع واحد في كل مرة لتنظيفه، ومن ثم الانتقال إلى القطاع الذي يليه، وتحتوي تلك القوارب على سطحها أنظمة تعمل على فصل المواد العضوية من المياه والرمال، وسيتم نقل تلك المواد إلى محطة توبلي لمعالجتها على الفور وتحويلها إلى مواد جافة.

وتعتمد فكرة الشفط الميكانيكي للأوساخ عبر القوارب الخاصة على فصل الملوثات والأوساخ من الرمال والمياه بحيث لا يحدث انبعاث  لغاز الميثان الموجود في قاع الخليج ومنع انتشاره بالجو حتى لا يؤثر على البيئة ويضر بسكان المنطقة، إذ تملك فوم الخبرة في معالجة الحمأة والنفايات ذات الخصائص المختلفة وتحويلها إلى مواد جافة يسهل نقلها والتعامل كما يمكن استخدامها في إنتاج الطاقة أو التطبيقات الزراعية.

 

هل يمكن أن نشهد عودة للحياة الطبيعية والفطرية في خليج توبلي؟

بالتأكيد، بعد وقف مصادر التلوث وتنظيف رمال ومياه الخليج من الحمأة والأوساخ العضوية والصناعية، سيكون هناك تعاون مع الجهات المحلية والجامعات الأوروبية المتخصصة في العلوم الحيوية والبيئة لإعادة الحياة الطبيعية والبحرية إلى الخليج، حتى يصبح متنفسا ومعلما سياحيا بيئيا.

 

كم تبلغ كلفة المشروع؟

هناك تكلفة استثمارية لتطوير المحطة، إضافة إلى تكاليف شفط الحمأة والأوساخ من الخليج، ويجب أن تتم عملية الشفط بطريقة آمنة للتأكد من عدم تلويث الأجواء والتأثير على سكان المنطقة، لكن قبل البدء في أعمال تنظيف الخليج يجب أولا وقف تدفق الملوثات والأوساخ إلى مياه الخليج.

تقديرنا المبدئي للتكلفة يتراوح ما بين 10 إلى 15 مليون دينار تقريبا، إلا أن هذا الرقم لا يمكن تحديده بدقة إلا بعد الاتفاق على حجم الاستثمار والاتفاق على الأساسيات الهندسية واللوجيستية للمشروع. 

وقبل وقف الانبعاثات الضارة الصادرة من محطة توبلي عبر تطويرها وتأهيلها لاستيعاب الاحتياجات المستقبلية، سيكون من غير الممكن البدء في تنظيف الخليج قبل حل المشكلة الأساسية المتمثلة في مخلفات المحطة.

 

 

هل لديكم مشاريع مماثلة في مناطق أخرى؟

ليس في خليج مثل توبلي يحتوي على هذه الكمية من الحمأة، لكننا نفذنا مشاريع في بحيرات تعرضت للتلوث نتيجة لصناعات كيميائية. نعتقد أن مشكلة خليج توبلي خطيرة وتحتاج إلى التعامل معها بكل جدية مع وضع حلول جذرية للمشكلة، فالحول المؤقتة ستؤدي إلى ترحيل المشكلة إلى الأجيال القادمة.

نعتقد أن البحرين يمكن أن تكون نموذجا للمنطقة في مجال معالجة المخلفات والنفايات ومعالجة مياه الصرف الصحي، إذ تواجه منطقة الخليج بشكل خاص والشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل عام مشكلات بيئة خطيرة ناتجة عن التلوث البيئي والتصحر، وما نقدمه من حلول لعلاج هذه المشكلات سينعكس بالإيجاب على خطط المملكة لتنويع اقتصادها عبر استعادة الحياة الفطرية التي تعد من أهم مقومات الجذب السياحي.

 

كم تستغرق عملية تنظيف الخليج؟

إنجاز مشروع بهذا الحجم قد يستغرق حوالي سنتين، لكن في البداية يجب تأهيل المحطة وتطويرها حتى تكون قادرة على معالجة المواد العضوية الملوثة، مع اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان عدم انتشار أي انبعاثات ملوثة في الهواء، لكن هذه المدة قد تزيد عن العامين، وذلك يتوقف على حجم الاستثمار الذي سيتم تخصيصه للمشروع.

تمكنا من خلال التقنيات المتطورة التي نجحنا في ابتكارها من إيجاد حلول عملية لمشاكل بيئية خطيرة، ومن بينها التخلص من النفايات، وفي الوقت الذي تعتمد فيه دول كثيرة على حلول سهلة للتخلص من النفايات والمخلفات، وذلك عبر حرقها أو دفنها، تقدم شركتنا حلولا صديقة للبيئة عبر إعادة تدوير هذه المخلفات وتحويلها إلى مواد نافعة سواء في مجال توليد الطاقة أو المجال الزراعي. 

 

هل عرضتم خططكم على الجهات المختصة في البحرين؟

نعم، قمنا بعرض الخطة على وزارة الأشغال خلال زيارة لوفد صناعي إيطالي إلى المملكة الأسبوع الماضي، والذي عرض على الوزارة مجموعة واسعة من الخطط التطويرية للبنية التحتية في البحرين، حيث تولي الحكومة البحرينية أهمية كبيرة للمشاريع الإستراتيجية المتعلقة بتطوير البنية التحتية ومن بينها مشروع تطوير محطة توبلي وتنطيف الخليج.

الحكومة البحرينية تدرس خطتنا وننتظر منها الضوء الأخطر للانطلاق في تنفيذ المشروع، الذي يخدم الثروة البيئية في المملكة، فهذا المشروع بالإضافة إلى تنظيف خليج توبلي، سيضع حلا نهائيا لكل الملوثات المحتملة في المستقبل، سواء الناتجة عن محطة توبلي لمعالجة مياه الصرف الصحي أو الناتجة عن العمليات الصناعية والكيميائية ومصادر التلوث الأخرى.

 

هل تطمحون لإقامة مشاريع بيئية أخرى في المملكة؟

نأمل في تعزيز التعاون مع البحرين بمجال الحلول البيئية، وخصوصا في نطاق معالجة المخلفات وإعادة استخدامها في القطاع الصناعي. لدينا حلول ممتازة لمخلفات المستشفيات والمخلفات العضوية كمخلفات الصرف الصحي والسفن والمطاعم، وإعادة استخدام المخلفات.

شركتنا تعمل في أكثر من مجال وطورنا التقنيات الخاصة بنا في نطاق التعامل مع المواد الخام ومعالجة المنتجات الثانوية، ولدينا أكثر من 50 براءة اختراع دولية في تطوير أساليب مبتكرة في مختلف التطبيقات الصناعية ولدينا أكثر من 500 محطة في جميع أنحاء العالم تعمل في مجال التطبيقات الصناعية في قطاع الصناعات الدوائية والغذائية والبيئية والكيميائية وغيرها.

وقد حصلت “فوم” على العديد من الجوائز البيئية المهمة، ومن بينها جائزة الابتكار التكنولوجي من غرفة تجارة ميلان، وأفضل مشروع بيئي في الصين عبر محطة تجفيف الحمأة التي أسسناها في بكين، وعلاوة على ذلك تم اختيار تكنولوجيا “فوم” لأعمال البنية التحتية البيئية في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية التي أقيمت في سوتشي العام 2014.