العدد 2209
السبت 01 نوفمبر 2014
banner
المشاركة والمقاطعة... كيف تكون النتيجة (2) أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
السبت 01 نوفمبر 2014

كنا بالأمس نتحدث عن معنى تلك الكلمات المتداولة في الوقت الراهن بخصوص الانتخابات النيابية والمشاركة فيها من عدمها، ولكن هناك دوافع ونتائج من وراء تلك المواقف ليست وليدة اللحظة بل قد تكون نتيجة لتراكمات خلقت الموقف هنا أو هناك، ودفعت بالبعض للمقاطعة وأدت بالبعض الآخر إلى تأكيد المشاركة والسير فيها.
الدوافع تناولنا بعضها باختصار بالأمس أما النتائج فيمكن أن تكون سيئة بكل معنى الكلمة لو اتسعت شريحة المقاطعة وعلى المقاطعين بالذات، فهي ستؤدي دون شك إلى أن يصل إلى مقاعد المجلس النيابي من هو غير كفء للمجلس ولا التمثيل الشعبي وربما لا يفقه معنى العمل السياسي في البرلمان بصورة عامة ويعتقد أن عضوية المجلس ليست أكثر من وظيفة عليا يرغب أن يحصل عليها ـ بالتالي عندما يحدث ذلك لن تكون له صلة سياسية بالشعب مصدر السلطات جميعها كما يقول الدستور بل ستنقطع هذه الصلة وسينسى الجميع ويتذكر نفسه فقط، وسيتحول من عضو برلمان إلى ممثل بلدي – مع تقديرنا الشديد لدور المجالس البلدية المختلفة عن دور البرلمانات - يمارس العمل الخدمي طمعا في إقناع البشر به وتعويضا عن نقص بداخله لا يؤهله للعمل البرلماني فيعوضه بعمل آخر لا علاقة له بالتمثيل السياسي الشعبي ولا بالاختصاصات البرلمانية المتعارف عليها.
نقول ذلك لأن البرلمان أو مجلس النواب عندنا سيتشكل مهما اتسعت المقاطعة أو ازداد العزوف الذي تحدثنا عنه بالأمس، ولن توقف المقاطعة التشكيل القادم للسلطة التشريعية، البرلمان قادم لا محالة ولكن فقط شكله ونوعية من فيه يمكن أن تتأثر كما قلنا، وهذا يعني أن الخاسر الأكبر من العزوف والمقاطعة هو الشعب والمواطن الذي قد لا يجد من يعبر عن طموحاته ورغباته ولا يجد من يفهم تلك المطالب والرغبات ولا يعي كيف يصل إليها ويعمل على تحقيقها بعد ذلك، فالمقاطعة والعزوف يمكن أن يؤثرا وينتجا لو كانا شاملين، أي يشارك فيهما ويمارسهما جل الشعب والأغلبية الساحقة منه كما كان التصويت على ميثاق العمل الوطني عام 2001، أما حين تكون المقاطعة جزئية كما هو حالها الآن فإن تأثيرها السياسي على النظام يكون محدودا وغير مؤثر ولكن يمكن أن يكون لها تأثير سلبي مؤثر على الشعب وبالذات الفئات أو الطبقات الشعبية صاحبة المصلحة في وجود برلمان شعبي طبيعي.
الأمر المحتوم هو ظهور البرلمان، هذا ما يتيقن منه الجميع، ولكن الأمر المشكوك فيه هو نوعية هذا المجلس عند المقاطعة أو المشاركة، لذلك نكون أمام طريقين لا ثالث لهما، الأول يتمثل في المشاركة والتدقيق في الاختيار، وبها يمكن أن ننتج برلمانا شعبيا حقيقيا نابعا من إرادة شعبية سليمة، أما الطريق الآخر، ونعني به المقاطعة والعزوف وهو طريق يمكن أن ننتج من خلاله برلمانا ضعيفا لا علاقة له بالمواطن ولا يمثل الإرادة الشعبية، لذلك من حقي أن أتساءل كمواطن صاحب حق وصاحب مصلحة أي الطريقين أختار؟ طريق البرلمان الضعيف أم طريق البرلمان القوي.
أمامنا ثلاثة أسابيع تفصلنا عن الصندوق الانتخابي وفي هذه الأسابيع الثلاثة سيكون للمال السياسي الدور المؤثر في تشكيل الرأي والقرار، ولكن تأثيره على الجانب الآخر سيكون محدودا في فئة لا تنظر بعيدا بل تحت قدميها ولا ترى مصلحتها الحقيقية البعيدة بل ترى الفائدة الوقتية السالبة لإرادتها، والرهان سيكون في آخر الأمر على الفئة الأعم وهي الفئة الواعية لدور البرلمان ودور المال السياسي المناقض له، فما نعرفه أن المقاطعة قد تقوي دور المال السياسي أو شراء الذمم بالمال، أما المشاركة فستعمل على إضعاف تأثير ذلك المال... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية