العدد 2144
الخميس 28 أغسطس 2014
banner
التغيير بطيء ونحن على عجلة أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الخميس 28 أغسطس 2014

يقول الحق تبارك وتعالى في كتابه الكريم في سورة الإسراء “ويدع الإنسان دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا”، وبعيدا عن الاختلاط بين الخير والشر الذي عليه البشر في تفكيرهم فما نحن بصدده الآن هي العجلة التي عليها الإنسان في كل شيء، وكأن الوقت عنده محدود للغاية ويريد أن يرى نتائج كل شيء في دقائق معدودة أو على أقل تقدير في حياته نفسه مع أن حياته ليست أكبر من جزء بسيط وغير محسوس في حياة الأمم بل هي ربما لا تحسب مقارنة بها، ولكن مع ذلك قد تكون هناك أمور يستحق البشر أن يروا لها نتائج وآثارا في أوقات قصيرة، ومن غير المنطقي أن نطلب من الجميع الانتظار طويلا في كل شيء.
بعد الذي مر به الوطن العربي في السنوات الأخيرة وبعد الأعداد الغفيرة من الضحايا والخسائر التي لا تعد ولا تحصى، بعد كل ذلك وبعد المعاناة التي مر بها الإنسان العربي فإن من حق هذا المواطن العربي أن يرى بعض التغييرات ولا نقول جميعها في سنوات محدودة أو شهور، ولا يحق لنا في نفس الوقت القول دائما إن التغيير إلى الأفضل قادم وإن الأيام القادمة ستكون أفضل بكثير من الأيام الحالية دون أن تكون هناك أفعال محسوسة ومقدمات لتلك التغييرات التي يرنو إليها الإنسان العربي في كل مكان خصوصا تلك الأغلبية التي عانت كثيرا من الظلم والتهميش وكأنهم ليسوا بشرا وأن الصفة البشرية والإنسانية تم اقتصارها على أفراد معدودين في هذا الوطن الكبير.
كلمات الاطمئنان والتطمين التي يسمعها الإنسان العربي في كل مناسبة من مثيل إن الأيام القادمة ستكون أفضل من الأيام التي نعيشها أو إنه لابد بعد الظلام الذي نحن فيه أن يأتي النور الذي نتمنى أن ما بعد العسر يكون اليسر أو أن ما نحن فيه هو المخاض الكبير والعسير لجنة الأرض التي يريدها الإنسان العربي وغير ذلك من كلمات الغيب والتغييب التي يلقي بها النظام العربي لهذا الإنسان لتخديره فقط دون أن تكون هناك مقدمات لتلك النتائج، كل ذلك لا قيمة ولا معنى له عند هذا الإنسان إذا لم ير أمامه أمورا توحي بحصول ما يجري الحديث عنه ولو بعد حين، ليس من الضروري لجيله الذي هو منه، ولكن على الأقل للجيل القادم الذي يشكل أبناؤه بعضا منه.
منذ سنوات طويلة سمعنا عن الشيوعية التي وضعها عقل الإنسان وأراد ما كان يطلق عليه حينها الاتحاد السوفيتي أن يصل إليها فجعل حياة المواطن هناك في نوع من الجحيم وتم حرمانه من كل شيء تقريبا، بل حتى من التفكير، بحجة العمل من أجل الأجيال القادمة، وأنه لابد أن يضحي الجيل (الحالي) من أجل تلك الأجيال، ولكن بعد سبعة عقود من الزمان ضمت أجيالا عديدة وليس جيلا واحدا فقط اكتشف ذلك المواطن أن ما كان يعيش من أجله لم يكن أكثر من سراب يستحيل أن يصل إليه. ومع ذلك قد لا يكون العيب كله في الفكر ولكن في من قاد البلاد طوال تلك السنين، فالأفكار قد تحمل نوعا من الخير ولكن من يقوم عليها يحمل النقيض خصوصا عندما يتربع على قمة السلطة ويتذوق حلاوتها، وهو إن كان قبل السلطة يتناسى نفسه ويتذكر الآخرين، فإنه بعد الوصول إلى القمة يتذكر نفسه وينسى كل شيء آخر.
نحن بعد هذه السنوات التي مرت علينا وعصفت بكل شيء تقريبا في بعض دول وطننا، بعد هذه السنوات لم نلحظ بوادر عملية لما يسمى التغيير للأفضل أو التطوير، كل ما نراه قشور يراد بها تخدير أصحاب المنفعة الحقيقية من كل ما جرى على الساحة العربية، بل قد يكون الذي نراه ملامح تراجع أشد مما كنا عليه... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .