العدد 2144
الخميس 28 أغسطس 2014
banner
الربيع القادم... ربيع المنظمات الدولية حمد الهرمي
حمد الهرمي
ستة على ستة
الخميس 28 أغسطس 2014

المنظمات الدولية تعمل بمجموعة من البشر تورطوا في الأزمات العربية تورطا لم تسعفهم ثقافتهم السياسية لتحديد الموقف الصحيح الذي يحمي مستقبل المنظمة التي يعملون تحت لوائها، فبعد اهمال غير مفهوم او مبرر من قبل منظماتهم للمنطقة العربية بصورة عامة والخليجية بصورة خاصة، دعتهم الدول الكبرى الى معترك الأزمات العربية تحت مسمى الربيع العربي، اي ان المنظمات عليها ان تتعامل مع ما تراه امامها باعتباره ربيعا بصرف النظر عن كارثيته الصريحة واختلال ميزان العدالة فيه.
فبينما تنتقد كل المنظمات الإنسانية زج الطفل الفلسطيني في معترك المواجهة مع العدو الإسرائيلي وتقول عن ذلك انه استخدام غير انساني للأطفال، غضت الطرف عن الأطفال والنساء الذين تم زجهم في الصف الأول للمواجهات في الربيع العربي، ناهيك عن حرمانهم من التعليم بعد اسناد الادوار الثورية لهم ودفعهم للاعتصامات والإضرابات في مصر واليمن وتونس.
حاولت بعض المنظمات التي تدعي انها حقوقية اي ان عملها يتمحور حول دعم القانون واحترامه بوصفه ضمانة الحقوق، ان تروج للطرح المشاكس وغير الأخلاقي وهو (الفوضى الخلاقة أو الفوضى المنظمة)، في تعر علني أمام كل العالم واعتراف صريح بأنها ليست سوى مؤسسات تابعة للقرار الأميركي حتى إن كان ما تتبناه يتناقض مع الأهداف التي انشأت من اجلها، اقول تابعة للقرار الأميركي لأن طرحي الربيع العربي والفوضى المنظمة طرحان سياسيان اعلاميان اميركيان بدون منازع.
ليس امام العالم خيار بعد ان تخلت كل المنظمات عن اهدافها وعن حيادها في تعاملها مع الأزمات العربية، اذا اريد لهذه المنظمات ان تستمر في عملها سوى حلها وإعادة انشائها من جديد بأهداف واضحة وبطواقم جديدة لم تتلوث بالمواقف المخزية التي تبنتها تلك المنظمات خلال ما اطلق عليه الربيع العربي، ولا يستثنى من هذه المنظمات منظمة الأمم المتحدة وهي أم المنظمات، ففشلها كان الأكثر وضوحا.
لا توجد دولة عربية واحدة بعد هذه الأزمة تثق بالأمم المتحدة أو أي من المنظمات الصغيرة الأخرى سواء التي تتبع الأمم المتحدة أو غيرها، اذا قطاع كبير وضخم لن يكون شريكا في عمل هذه المنظمات ولن يحفل بمطالبها هذا اذا لم يتفق على انشاء منظماته الحقوقية والإنسانية الخاصة به اذا تطلب الأمر ذلك وانتبهت هذه الدول الى الدرس جيدا وعرفت كيف تتعامل مع هذا العالم الذي لا يؤمن الا بالمصالح.
اذا المرحلة القادمة هي مرحلة ربيع المنظمات العالمية، التغيير قادم اليها بلا هوادة وليبدأ التغيير بالأمم المتحدة التي شاخت وأكد نظام مجلس الأمن فشله بتركيبته الحالية وأسلوب اتخاذه لقراراته، وضجر الدول في العالم اجمع بالطبقية المقيتة المتمثلة بحق الفيتو الذي هو حكر على دول انتصرت في حرب مضى عليها اكثر من سبعين سنة، وحسنا فعلت المملكة العربية السعودية حينما رفضت عضوية مجلس الأمن تعبيرا عن عدم جدوى هذا المجلس والمنظمة بصورة عامة.
الكل يعلم ان الأمم المتحدة شاخت وأن هناك تحركا جديا يؤمن بضرورة حل الأمم المتحدة وإعادة انشاء منظمة عالمية وفق أسلوب عمل وأهداف تتناسب مع العدالة والواقع المعاش وليس زمنا نشم فيه غبار الحرب العالمية الثانية وموت عشرين مليون انسان ضحية لتلك الحرب، ما ذنبنا نحن في كل هذا.
بعد ان تهب رياح ربيع المنظمات في العالم ويتم تغيير ما يجب تغييره، لا شك ان الربيع القادم هو ربيع سيجتاح الأميركتين ففيهما انظمة شاخت وانكشف مرضها بالعنصرية والفئوية وروح الانتقام وفي هذا الاشكال تشترك أميركا الشمالية بنظامها الرأس مالي الذي يقف خلف كل ازمات العالم وإشكالياته الاقتصادية والاخلاقية وأميركا الجنوبية بدولها التي لا تزال تتمسك بالنظام الاشتراكي ولا تكن للعالم الا الحقد والرغبة في الانتقام مما فعلته الولايات المتحدة بها.
اذا المنظمات الدولية بكل اشكالها على موعد مع النهاية والمحاسبة نتيجة لفشلها الذريع في التعامل مع الواقع العالمي سواء في الربيع العربي او مع غيره من الازمات في العالم خصوصا في آسيا وأفريقيا، لذا فإننا على امل ان يعاد انشاء منظمات حقوقية وإنسانية على ركام تلك المنظمات تؤمن بالعدالة والحياد وتصبح ثقلا عالميا يحمي الشعوب من استبداد الانظمة، والأنظمة العالمية المتمددة.
كل ما تقدم لا يعني ان الدول العربية لم يكشف عنها فشل ذريع في اساليب تعاطيها مع المنظمات الدولية، بل ان الربيع العربي المزعوم كشف عن فشل لا يمكن تجاوزه لدى الدبلوماسية العربية دون استثناء دولة عن اخرى فكلهم فشلوا.. للحديث صلة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .