العدد 2202
السبت 25 أكتوبر 2014
banner
الموصل وعين العرب زينب الدرازي
زينب الدرازي
السبت 25 أكتوبر 2014



هل يدفع العراق والعالم العربي اليوم ثمن قيام أميركا بحل الجيش العراقي عبر عملية تفكيك الدولة العراقية برمتها؟ هل ندفع اليوم فاتورة غزو العراق وتقاسمها بين ذئاب كانت مصلحتهم الخاصة أعلى من مصلحة الوطن فمنهم من بايع أميركا ومنهم من بايع إيران ومنهم من بايع منظمات إرهابية فككت ما تبقى من وحدة العراق. كيف نستطيع ان نفهم سقوط الموصل ومساحة واسعة من العراق في ايام، وصمود بلدة عين العرب “كوباني” بعد مرور ثلاثة اشهر من محاولة قوات الدولة الإسلامية في العراق والشام غزوها.
سوريا التي ينشغل جيشها بالقتال ضد القاعدة والنصرة وحشد من كل أمم الأرض التي تدفقت من أجل القتال على أرضه، فلا تجد ما تستطيع تقديمه لنصرة عين العرب وحمايتها من داعش، بينما يسيطر التنظيم على نقاط استراتيجية مرتفعة حول بلدة كوباني يستطيع منها قنص ورجم وضرب كل المدينة بالمدفعية الثقيلة والدبابات المتطورة وراجمات الصواريخ التي غنمها التنظيم من الجيش العراقي الذي سارع إلى الانسحاب وترك العتاد المخزن في تلك المناطق في الوقت الذي كان وزير الدفاع رجلا مدنيا لا علم له بالتكتيكات العسكرية وشؤونها الاستراتيجية بالرغم من وجود القادة حوله.
عين العرب التي قطعت الرجاء في الجيش السوري وقدرته على حمايتها لم تخر باكية وتستسلم لداعش، بل حملت السلاح ومازالت تقاوم وبشراسة إرهاب داعش وهمجيتها رغم الحصار المفروض وقلة السلاح بأيدي مقاتلي حزب العمال الكردستاني وغيرهم من الأكراد الذين رفضوا مغادرة بلدتهم وتسليمها لتكون ممرا استراتيجيا لقوات داعش، وتحصنوا فيها وأعلنوا مقاومة لا تلين مدعمين بخبرتهم في حرب العصابات التي بها يواجهون تكتيك الجيش الداعشي شبه النظامي الذي يطرح اسئلة فورية على تملكهم مثل تلك التكتيكات بمعنى من المعاني وجود خبرات متمرسة في القتال غير بعيدة عن تلك الخبرات التي كان يمتلكها الجيش العراقي.
تعتبر مدينة الموصل ثاني أكبر مدن العراق بعد العاصمة بغداد وتتبع محافظة نينوى ويبلغ عدد سكانها ما يربو على مليون ونصف المليون نسمة وتعتبر معقلا لأهم القبائل السنية وهي شمر والجبور والدليم والبقارة. ويفترض أنها تحت حراسة الجيش العراقي خصوصا أن قيادات الجيش ورئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة على علم بأن تنظيم داعش يخطط للهجوم على المدينة، ورغم كل هذا رأينا كيف سقطت الموصل دون ان تحرك القيادة في بغداد ساكنا بل علا الصراخ والاتهامات، وهي تعلم قبل غيرها عدم الجدوى.
أما عين العرب هذه البقعة الجغرافية التي تتبع محافظة حلب في سوريا وعدد سكانها لا يصل الى نصف مليون نسمة أغلبهم من الأكراد الذين آمنوا بحلم الدولة الكردية فخرجوا يدافعون عن الحلم حتى لا يسقط تحت ضربات تنظيم داعش الوحشية. لقد صمدت عين العرب الى اليوم رغم تحالف تركيا غير المعلن بينها وبين تنظيم الدولة الإسلامية للتخلص من الأكراد من جهة وتسهيل السيطرة الكاملة للتنظيم على كامل المناطق الحدودية بين سوريا وتركيا لتسهيل دخول المقاتلين وتدفقهم دون ان يكون هناك اي دليل على تعاون او ضلوع تركيا في السماح لهم بالدخول، فبعد إعلان العالم الحرب على تنظيم داعش اصبح من غير القانوني السماح للمقاتلين بالعبور من تركيا لسوريا أو العراق دون ان تتورط الحكومة التركية في دعم الارهاب. كما أن سقوط عين العرب سيربط كل المنطقة الجغرافية من الموصل الى سوريا ببعضها لتشكل مساحة جغرافية هائلة بيد تنظيم داعش مما يعطيها قوة لوجستية وبشرية ناهيك عن الترسانة العسكرية التي ستقع في يدها والموارد الطبيعية كالذهب الأسود الذي سينساب عبر المنافذ التركية نحو الأسواق كبضاعة رخيصة تباع بربع قيمتها الحقيقية. فهل نستطيع ان لا نقول إن ما يحدث بعيد عن المؤامرات الغربية لخلق حالة من العبثية وعدم الاستقرار لصالحها.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .