العدد 2139
السبت 23 أغسطس 2014
banner
انفصال أسكتلندا أم نهاية المملكة المتحدة زينب الدرازي
زينب الدرازي
السبت 23 أغسطس 2014



هل يكون استقلال أسكتلندا عن بريطانيا بداية لتفكك المملكة المتحدة التي كانت فيما مضى الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس. تم تحديد الخامس عشر من الشهر القادم موعدا للاستفتاء على انفصال أسكتلندا عن بريطانيا. وأسكتلندا أو كلدونيا كما كانت تسمى قديما هي احدى الدول الأربع التي تتكون منها المملكة المتحدة “أيرلنده الشمالية – ويلز – إنجلترا”. ورغم ان أسكتلندا تشكل جزءا من المملكة المتحدة اليوم إلا انها كانت مملكة مستقلة ظلت في حرب دائمة مع انجلترا بين كر وفر - كلتاهما تطمع في السيطرة على الأخرى - طوال الجزء الأخير من القرن الثالث عشر وطوال القرن الرابع عشر حتى اضطرت انجلترا ان تعترف باستقلال أسكتلندا في العام 1328م.
إلا انه وكما يبدو كان للقدر رأي آخر فعندما توفت ملكة انجلترا اليزابيث الأولى بدون زواج في العام 1603م، كان اقرب أقربائها الذي يحق له ان يرث عرشها هو الملك جيمس السادس ملك أسكتلندا وابن الملكة ماري ملكة أسكتلندا التي اعدمتها الملكة اليزابيث الأولى في العام 1587م. ومنذ ذلك الوقت الى اليوم يحكم ملوك أسكتلندا المملكة المتحدة. إلا ان اصوات الانفصال عن المملكة المتحدة بدأت تتعالى خصوصا في العام 1928 مع تأسيس الحزب القومي الأسكتلندي الذي طالب بتأسيس دولة مستقلة. ويعزي البعض هذه الصحوة القومية الى تأثر الحزب القومي الأسكتلندي بأفكار حركة “الشين فين” الأيرلندية التي كانت تخوض حربا دامية ضد الحكومة المركزية في لندن مطالبة بالاستقلال. فهل سينهي الاستفتاء أكثر من 300 سنة من الوحدة بين البلدين أم سيعزز هذه الوحدة بشكل نهائي وينهي ما تبقى من نزعات قومية اصبح لا معنى لها في زمن يحاول تجاوز النزعات القومية.
في آخر استطلاع قامت به صحيفة فايننشال تايمز في 7 أغسطس تبين ان 46 % من الناخبين سيصوتون لصالح البقاء مقابل 36 % مع الاستقلال عن المملكة المتحدة. إلا ان الاستطلاع ايضا بين ان نسبة التأييد للانفصال آخذة في الارتفاع. ويرجح الكثير من المحللين ان المطالبة بالانفصال اليوم هي لأسباب اقتصادية بحتة، ويعزز هذا الرأي قيام الحزب القومي الأسكتلندي برفع شعار “إنه نفط أسكتلندا” في الانتخابات العامة التي اجريت في فبراير 1974م. ورغم أن الحكومة البريطانية ستقبل نتيجة الاستفتاء حتى لو كان في صالح الانفصال إلا أنها لا ترحب به، فرئيس الوزراء البريطاني “ديفيد كاميرون” أعلن أنه سيستقيل من منصبه في حال كانت النتيجة في صالح الانفصال. ان عواقب الانفصال والنتائج التي ستتمخض عنه قد تؤدي الى كارثة تحيق بالمملكة المتحدة. فإلى جانب ضغوط المطالبة بانفصال ايرلندة الشمالية ستواجه المملكة المتحدة مشاكل اقتصادية هائلة ووضعا جديدا يتعلق بأسلحتها النووية الموجودة في أسكتلندا. ومشاكل سياسية خاصة فيما يتعلق بعلاقتها ونفوذها داخل الاتحاد الأوروبي، اضافة الى ضعف قدرتها على المحافظة على وضعها في مجلس الأمن كدولة تملك حق الفيتو وانعكاس ذلك على نفوذها ومكانتها العالمية.
ورغم أن “ديفيد ليدنجتون” وزير الشؤون الأوروبية في الحكومة البريطانية أكد أن الأسلحة النووية ومقعد بريطانيا في مجلس الأمن سيكونان من نصيب المملكة المتحدة، إلا ان الانفصال سيحدث الكثير من المشاكل القانونية حول وضع الدولتين القانوني خصوصا فيما يتعلق بالحقوق والالتزامات الدولية. وما على الجميع إلا انتظار نتيجة الاستفتاء في 15 سبتمبر حتى تتضح الأمور.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .