العدد 1438
الجمعة 21 سبتمبر 2012
banner
مُحركات العنف الإسلامي سمر المقرن
سمر المقرن
الجمعة 21 سبتمبر 2012

انقلاب الإسلاميين على الولايات المتحدة الأميركية، من خلال ما حدث مؤخرا من اعتداءات على سفاراتها وقنصلياتها، في الدول التي منحت فيها الدعم الكامل للإسلاميين، يُدخل الإدارة الأميركية في دوامة “الصدمة”، ويتضح هذا من خلال تصريحات وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، التي اعتبرت مقتل السفير الأميركي في بنغازي هو رد الحسنة بالسيئة، بعد أن حررت أميركا الشعب الليبي من النظام القذافي الديكتاتوري.
في حقيقة الأمر أن هذه الصدمة ليست الأولى التي تصفع الإدارة الأميركية بعد دعمها للإسلاميين، إذ سبق ودعمت زعيم القاعدة السابق، أسامة بن لادن، في أفغانستان ابان الحرب الأميركية ضد الاتحاد السوفيتي. صحيح أن نتائج الصدمة الثانية أتت مبكرة عن الأولى، إلا أن هذا قد يكون لصالح الإدارة الأميركية التي ارتدت عباءة الربيع العربي، وبدأت تحرك الكراسي كلعبة الشطرنج، لتكتشف باكراً أن آمالها وطموحاتها لم تأتِ أكلها، وأقرب وصف للحالة هو ما يقوله المثل العامي، مع الاعتذار للقارئات والقراء الكرام على ذكره، وهو: (جوّع جروك يلحقك.. شبعه ياكلك) وهذا ما حدث بالفعل وللمرة الثانية، كنذير للمستقبل المظلم الذي يظهر لنا بشعارات في ظاهرها تفاؤل بمستقبل أجمل للشعوب، وفي باطنها لعبة تُحاك لمصالح محددة ضحيتها الشعوب العربية، بدليل أن الإدارة الأميركية لم تُفكر بالتدخل في الوضع السوري الدامي، كما فعلت في ليبيا، وذلك بسبب أن سوريا لا تلتقي بمصالح مباشرة معها!
إن ردود الأفعال الثائرة التي تشهدها المنطقة العربية والإسلامية، بسبب الفلم المسيء لرسولنا –عليه الصلاة والسلام- ظهر منها ما هو منطقي وسلمي، وحق طبيعي في الاعتراض، من خلال الاعتصامات والمظاهرات والكتابات المنددة، ومنها ما تجاوز السلمية إلى حيث القتل والاعتداء، وأنا على يقين أن أفعال العنف هذه، هي ما تسيء إلى رسولنا الكريم أكثر من ذلك الفلم الذي سمعت عنه ولم أشاهده، فأعصابي لا تتحمل رؤية مشاهد تسيء إلى رسولي وحبيبي، لكنني تابعت تسلسل الأحداث، وردود الأفعال، ورسولنا عليه أفضل الصلاة والتسليم، اعتاد على الإساءة التي كان يقابلها بالعفو والتسامح، فلم يشكو لأصحابه أو يأمرهم بإيذاء من يؤذيه وهم أكثر قربا منه، وعلى استعداد للتضحية من أجله، فحبه الكبير في قلوبنا ونحن لم نراه فكيف بأصحابه وأهله؟ لذا فإن التعبير عن حبه لا يكون إلا باتباع أخلاقه وسنته.
أعود إلى السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، وحاجتها إلى كثير من التغييرات بما يواءم العقل العربي الذي رغم محدوديته إلا أنه بدأ بالتحول ضمن المشاهد السياسية التي تعيشها المنطقة، هذا التغيير لا يعني أنه تقدم أو أنه بدأ بأسلوب في التفكير يختلف عن نمطيته السابقة، كما أن شكل العقل العربي من الصعب تصوره في هذه المرحلة التي تشهد إعادة تشكيله، مع هذا فإنه لابد من الأخذ في الحسبان أن تفاقم العنف الذي يخرج باسم الإسلام، له مُحركات “شهيرة” وأسماء مازالت تتصدر المنابر والقنوات الإعلامية، تسرح وتمرح دون رقيب ودون قانون يُجرم الدعوة إلى العنف، كل هذا بالنهاية ضحيته الشعوب العربية، والإسلام الذي تخرج كل هذه الإساءات باسمه، كرم الله ديننا عما يفعلون!

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية