العدد 2162
الإثنين 15 سبتمبر 2014
banner
أميركا تحشد العالم للقضاء على داعش! د. بثينة خليفة قاسم
د. بثينة خليفة قاسم
زبدة القول
الإثنين 15 سبتمبر 2014


حالة الشك التي تنتاب العرب والمسلمين حول داعش والحرب التي تنوي الولايات المتحدة حشد العالم كله لها هي حالة لها أسبابها التاريخية والمنطقية المعروفة، فكل الحروب التي قادتها الولايات المتحدة خلال العقدين الماضيين كانت نتائجها وخيمة على العرب والمسلمين، رغم أنها في كل مرة كانت تقدم وتروج للمبرر الأخلاقي للحرب التي تقود العالم كله لشنها أو المشاركة فيها بشكل أو بآخر.
وبكل صراحة نحن كعرب نشك في نوايا الولايات المتحدة في أي تحرك تقوم به في منطقتنا حتى لو كان هذا التحرك ضد تنظيم داعش الذي يقدم صورة غاية في السوء والتخلف للإسلام والمسلمين، ليس لأننا مسكونون دوما بنظرية المؤامرة، ولكن لأن الولايات المتحدة استغفلتنا في مواقف كثيرة في الماضي القريب وليس البعيد.
فالولايات المتحدة التي كونت تنظيم القاعدة واستخدمته في مهام معينة أبرزها حربها ضد الاتحاد السوفيتي السابق، وعندما شب هذا التنظيم عن الطوق وخرج في بعض الأمور عن طوعها قررت القضاء عليه واستخدمته كفزاعة ووصف بشع لكل من تريد تحجيمه أو القضاء عليه من الدول والجماعات، على اعتبار أن الارتباط بهذا التنظيم يعد مبررا كافيا أيا كان هذا الارتباط فهو تهمة ومبرر لضربه أو حصاره.
واستفادت الولايات المتحدة كثيرا من هذه المسألة في القضاء على نظام صدام حسين في العراق حيث اجتهد جورج بوش الابن في الربط بين صدام وبين القاعدة وخدع شعبه نفسه عندما قال لهم إن جنود أميركا ذاهبون إلى العراق للانتقام لضحايا الحادي عشر من سبتمبر وقال للعراقيين إن جنوده قادمون لتحرير العراق من نير الظلم والاستبداد، ولم يكن لدى أحد من أولئك أو هؤلاء سببا لعدم تصديق بوش، فأهل العراق كانوا بالفعل يعانون من الاستبداد والأميركيون بدورهم لا يعرفون شيئا عن السياسة الخارجية إلا ما تقوله لهم الادارة الأميركية، وطالما أن الادارة قالت إن صدام هو الأب الروحي لتنظيم القاعدة فلابد أن يصدقوها، وسقط صدام وفرح العالم، ثم سقط العراق في مستنقع لم يخرج منه حتى الآن.
وأميركا هي التي قادت العالم لإسقاط نظام القذافي، وسقط القذافي، وفرح العالم ورقص الليبيون ثم دخلت ليبيا في نفق مظلم ولن تخرج منه.
وبالعودة إلى داعش، فنحن لا يمكن أن نصدق أن هذا التنظيم هو نبات شيطاني لم يزرعه احد ويرعاه ويسقيه بيديه، لأن انتشاره وقوته وتحقيقه للانتصارات وزحفه القوي داخل العراق وسوريا لا يمكن أن يحدث بهذه السرعة من وراء ظهر الولايات المتحدة على وجه الخصوص.
وبناء عليه فلا يمكن أن يكون التحالف الدولي الذي تقيمه أميركا ضد داعش موجها بالفعل لحماية العالم من خطر الارهاب، ولكنه غطاء أخلاقي لدعم وتقوية النفوذ الأميركي في المنطقة وما خفي كان أعظم، ولابد أن تتبع المنطقة خطوات الولايات المتحدة ولابد أن تساهم بالمال والنفط في هذه الحرب ضد العدو الذي لا يختلف على خطورته اثنان من العرب أو المسلمين.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .