العدد 2144
الخميس 28 أغسطس 2014
banner
الانتخابات على الأبواب د. بثينة خليفة قاسم
د. بثينة خليفة قاسم
زبدة القول
الخميس 28 أغسطس 2014

اقتربت الانتخابات وبدأ الجميع يشحذ الهمم ويشد المئزر ويسبك الشعارات التي تشنف الآذان وتزلزل الكيان ليجمع الأتباع والمريدين الذين يأخذون بيده إلى مقعد في مجلس النواب. وهذا شأن جميع النواب في عالمنا العربي العريض حيث يبذل المرشح جهداً رهيباً ويبدي من التواضع والاحترام قدر المستطاع ويخفض جناحه للجميع، فيزور المريض ويعزي في الميت ويعد الجميع بأن يأتي لهم بلبن العصفور وأن يجفف الأنهار وينقل الجبال من مكانها وأن يعمل على سد ثقب الأوزون، وبعد أن يصل إلى هدفه تجده شخصاً آخر.
حكى لي أحد المصريين ساخراً على ما يقوم به النواب في مصر قبل انتخابات مجلس الشعب، حيث المرشح يذهب إلى النجوع والبلاد الفقيرة التي لم يزرها في حياته ويجلس في بيوت الفقراء، وإذا قال له أحدهم معتذراً ان البيت لا يليق بمقام سيادته يرد عليه بحماس: “السبع يسكن في غابة”. يجعل من هذا الفقير المسكين سبعاً والسبع لا يعيبه أن يكون بيته متواضعاً فقيراً، وعندما يأتي له هذا الفقير بكوب من الشاي يشربه وهو (لايعه كبده) ومع ذلك يقول: “”الله الله.. ما شربت ألذ من هذا الشاي في حياتي”. وإذا علم المرشح وهو في أقصى درجات الإرهاق أن حمار أحد الفلاحين أصابته وعكة صحية يهرع للاطمئنان عليه. ثم بعد أن ينجح في الانتخابات لا يجد له الناس أثراً ولا يظهر لهم مرة أخرى إلا بعد انتهاء مدة البرلمان بعد أربع سنوات ليبيع لهم الوهم مرة أخرى. وما أضعف ذاكرة الناخب العربي الذي تسعده الكلمات الجوفاء مثل “السبع يسكن في غابة” و”ينشكح” عندما يأتي النائب المبجل لزيارة حماره المزكوم!
ونحن في البحرين لسنا استثناء ضمن هذا العالم العربي، فلدينا النواب يجتهدون في زيارة المجالس وإعداد “البشت” الجميل الذي يليق بالمقام مقدماً ويصنعون للناس عالماً من الأحلام الجميلة التي لا يتحقق فيها شيء بعد أن تظهر نتائج الانتخابات، والفرق بين نوابنا ونواب الدول العربية الأخرى كبيرة المساحة أن نوابنا لا يحتاجون إلى جهد كبير في تقديم واجب العزاء والاطمئنان على المرضى والعناية بشؤون الفقراء وحميرهم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .