العدد 2203
الأحد 26 أكتوبر 2014
banner
وجوه جديدة وأفكار قديمة محمد المحفوظ
محمد المحفوظ
ومضة قلم
الأحد 26 أكتوبر 2014

لم يعد خافياً ما ينتاب المواطنين من شعور عارم بالقلق والهواجس من قبيل هل ستأتي الانتخابات القادمة بنتائج مشابهة لما سبقها أي بأعضاء على شاكلة من سبقوهم؟ أم أنّ وجوهاً جديدة ليست كالتي ألفناها وخبرناها؟ ونعني هل النواب القادمون سيمهدون لتأسيس أنماط جديدة من العلاقات قوامها المصلحة العامة لا الشخصية؟ المواطن لم يصل بعد إلى درجة اليأس ولا يزال يحلم بغدٍ أجمل تتحقق فيه أمنياته وأحلامه بوصول مرشحين عقدوا العزم على الدفاع عن مصالحه وتحسين أوضاعه المعيشية لا بالانقلاب على مبادئهم والسعي لتأمين مستقبلهم.
من يدقق في قوائم المترشحين الذين فاقت أعدادهم أربعمئة وستين مترشحاً فإنه يصعب عليه التكهن بمن سيحالفهم الحظ بالفوز بالمقاعد البرلمانية.
ومع الإعلان عن بدء الحملات الانتخابية فإنّ المواطن على موعد مع الشعارات التي تقطر بالشهد وإسراف لا حد له في إزجاء التعهدات لكن الذي ينقصها هو غياب التنفيذ أو التنصل منها. وغني عن الذكر أنّ المواطن ومن خلال التجارب السالفة تكونت لديه الخبرة التي تمكنه من التمييز بين الوعود الواقعية وتلك التي تفوق صلاحيات النائب.
ونتيجة للتخبط وانعدام الخبرة في مجال العمل البرلماني فقد بات البعض يطلق التعهدات التي تقع خارج صلاحيات المجلس النيابيّ ومن مسؤولية السلطة التنفيذية وهذا بالطبع ينم عن جهل من المترشحين لضوابط الترشح. وفي ظلّ هذا الواقع كنا نتمنى لو أنّ من أقدموا على الترشح أو من يجهلون طبيعة عمل النائب كانوا قد تلقوا دورات حول كيفية التعاطي مع هذه المهمة الجسيمة واكتساب خبرة في طبيعة وظائف المجالس النيابية والبلدية.
أحد المواطنين وبنبرة ملؤها الأسى قال أتذكر أنّ النائب عندما أطلق وعوده لأبناء الدائرة فإنني كنت منتشياً ومنفعلا بل شعرت أنّ أحلامي على وشك التحقق لكنني أفقت على واقع آخر هو النقيض تماماً. فكل ما تفوه به تبخر وأصبح في خبر كان.
إنّ الأغلبية الساحقة من المترشحين الجدد للمجلس النيابي هم ممن يصنفون بالمستقلين أما المنتمين للكتل فإن نسبتهم ضئيلة، ولا يمكننا الجزم بحظوظ الفئة الأولى في الفوز إذ إنّ الاتجاهات الغالبة تميل نحو المنتمين للهيئات والجمعيات.
الذي اتضح جلياً لا للمواطنين وحدهم بل حتى للنواب أنفسهم أنّ حصاد المجلس النيابيّ كان ضئيلاً جداً لا يتناسب اطلاقاً مع مكانة مجلس الشعب. ذلك أنّ هؤلاء النواب وضعوا المواطن في حالة من النشوة عندما صدقوا وعودهم. وفي الحالات النادرة التي يلتقي فيها المواطنون بممثليهم فإنّ الأخيرين لا يعدمون التبريرات لعدم إنتاجيتهم وعلى رأسها بالطبع أعضاء السلطة التنفيذية أي الوزراء ورؤساء الهيئات الحكومية وتهربهم من الرد على الأسئلة الموجهة اليهم. وجميعنا تقريبا يتذكر كيف كان أعضاء الحكومة يبتكرون شتى الأساليب للتغيب عن الجلسات للأسباب التي أشرنا إليها. وللتدليل على ما نقول فإنّ إحدى الجلسات لم تستغرق سوى خمس عشرة دقيقة فقط. وعندما احتج أحد النواب على تغيب الوزراء المتكرر فإنّ رئيس المجلس اضطر الى رفع الجلسة بشكل استثنائيّ للتشاور.
وللتذكير فقط فإنّ ما يمارسه السادة النواب من نقد للعمل الحكومي ما كان يجب أن يغضب الوزراء لأنّهم لم يتجاوزوا دورهم في ابجديات العمل السياسيّ وكان يفترض تقبلها برحابة صدر لأنها تعد من صميم واجبهم ولانّها ترمي الى المصلحة العامة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .