العدد 2171
الأربعاء 24 سبتمبر 2014
banner
المنسيـــون فــي المـــدارس محمد المحفوظ
محمد المحفوظ
ومضة قلم
الأربعاء 24 سبتمبر 2014

الشكوى التي تقدم بها أحد أولياء الأمور بشأن تأخر ابنه الى ما بعد الدوام المدرسيّ تقرع جرس انذار الى المسؤولين بوزارة التربية والتعليم. وتفاصيل القصّة كما افاد بها وليّ الامر أنّه ذهب الى المدرسة لجلب ابنه لكنّ المفاجأة أنّ جميع الطلبة غادروا المدرسة. لكنّ الذّي تبين بعد ذلك هو انّ الطالب لم يغادر بل كان متواجداً في دورة المياه.
الحادثة المشار اليها هي الاولى في العام الدراسيّ الجديد بيد أنّه سبقتها حوادث أخرى في الاعوام السالفة. ورغم أنّ الوزارة شددت على ضرورة تفقد جميع المباني المدرسية ومرافقها قبل المغادرة والتأكد من خلّوها من جميع الطلاب الاّ أن المشاهد انه ليس هناك من يعير هذا التوجيه أي اهتمام. وبناءً على توجيهات وزير التربية والتعليم فقد تقرر تحويل المسؤولين عن الحادثة الى التحقيق للوقوف على ملابسات الموضوع تمهيدا لاتخاذ الاجراءات الادارية والقانونية المناسبة.
إنّ حوادث الإهمال متعددة اما دهسا تحت عجلات الباص أو ببقائهم في غرف الدراسة كما حدث في العام الفائت أو دورات المياه التي جرت هذا العام. وإزاء مثل هذه الحوادث المتكررة عاما بعد آخر فإننا نتساءل الى متى يبقى الاهمال واللامبالاة والاستهتار بأرواح الابرياء؟ ما يلفت الانتباه أنه وبعد كل مشكلة تشهدها مدارسنا فإنّ الوزارة تبادر الى تشكيل لجنة للتقصي، لكنّ المفاجأة أنّ النتيجة غالبا “مجهول الفاعل” وهذا ما يدفعنا الى الاعتقاد بأنّ وجود اللجنة وعدمه سواء، ولتفادي وقوع مثل هذه الحوادث فإنّه يتعيّن على وزارة التربية تطبيق القانون على الجميع.
المفارقة التي تستدعي التوقف امامها انّ الوزارة تصدر التعميمات بتحمل المسؤولية في حالات التقصير لكن على صعيد الواقع فإنّ أحداً لا يعمل بالقانون الأمر الذي يجعلنا نستنتج أنّ القوانين غير ملزمة وغير رادعة. إنّ تكرار الحوادث وبالتحديد المفضية إلى الوفاة كانت نتيجة لعدم مراقبة المدارس من جهة وعدم جديتها في تطبيق القانون من الجهة الأخرى. وهو ما يعني تخليها عن واجب سلامة الطلبة وعدم اكتراثها برعايتهم وحمايتهم.
ولو اننا اجرينا استبياناً حول رضا اولياء الامور عن مدى الرعاية التي يتلقونها في المدارس لاكتشفنا أنّ نسبة كبيرة منهم غير راضين عن درجة الاهتمام بأبنائهم. ترى اي مستقبل ينتظر ابناءنا وهم معرضون للاهمال والنسيان في بيتهم الثاني؟ وفي ظل ما يجري من حوادث فلم يعد مستغرباً أن يعيش الآباء والامهات القلق وتنتابهم الهواجس على فلذات اكبادهم.
لابدّ من اطلاق المبادرات الهادفة الى توعية الابناء وبالأخص طلبة المرحلة الابتدائية بكيفية التصرف في جميع المواقف من خلال المحاضرات وورش العمل وإعداد النشرات التوعوية بشكل مستمر بهدف رفع مستوى الوعي في المدارس وتوفير الجو الآمن لهم.
إنّ دور المدرسة اليوم لم يعد مقتصراً على تزويد الطلبة بالمعرفة بل غرس القيم التربوية في نفوسهم. والمدرسة بوصفها بيئة تعليمية تحقق طموحات الطلاب وبكونها البيت الثاني لهم فإن هذا يستلزم من الهيئات الادارية والتعليمية بها هو توفير الحماية والامان لهم والذين بدونهما يستحيل تحقيق الاهداف التربوية المنشودة.
في المدرسة يجب أن لا نجعل أحداً من الطلبة يخشى المجهول أو الشعور بالقلق لابتعاده عن جو المنزل. انّ واجب الهيئات التعليمية هو طمأنة الطفل على الدوام أنه في بيئة آمنة وهو احد العناصر الأساسية في انجاح عملية التعلّم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .