العدد 2164
الأربعاء 17 سبتمبر 2014
banner
الطب الخاص جشع وغياب للرقابة محمد المحفوظ
محمد المحفوظ
ومضة قلم
الأربعاء 17 سبتمبر 2014

لا نملك إحصائية دقيقة حول عيادات الطب الخاص ولا أعداد المرضى المترددين عليها لكنّ الذي نعرفه ومتأكدون منه أنّ طبقة من الأطباء أًبحوا أثرياء على حساب آلام المواطنين وأوجاعهم وهذا ما يتنافى مع المهمة التي نذروا أنفسهم من أجلها وهي التخفيف من آلام الناس. العديد من المرضى يجأرون بالشكوى من ارتفاع الرسوم وقلّة الاهتمام ومستوى الخدمات من الجهة الأخرى.
أحد المترددين قال إنّ كل طبيب اذهب اليه يعاملني كمورد للثروة لا ينضب. فتراه لا يقتنع بمن سبقه من أطبّاء ربما ليثبت أنّه الأفضل. يلغي كل العلاجات السابقة بما فيها من تحاليل وأشعة ليبرهن صدق ادعاءاته بكلام لا افقهه وبالطبع لا أملك الاّ أن أذعن لأقواله مضطرا. وكنت أكتم في سري سؤالاً تمنيت لو أجابني عليه مفاده هو هل يمكن أن تدلني كيف اسدد كل هذه الفواتير؟
إنّ فئة من اصحاب العيادات الخاصة تتصور أنّ المرضى من اصحاب الثروات الطائلة وليس الأغلبية منهم من ذوي الدخول المحدودة ممن اضطرتهم أحوالهم الصحية لطرق ابواب عياداتهم. البعض من الأطباء دأبوا على استمالة المراجعين واستهوتهم اللعبة فأخذوا يضربون المواعيد المتتالية للمرضى متوعدين هؤلاء الأخيرين بالعواقب الفادحة صحياً في حالة تخلفهم عن المواعيد. وطالما أنّ القضية تتعلق بأغلى ما يملك الإنسان وهي الصحة التي لا يجب التفريط فيها فكان لابدّ من الانصياع للأوامر. أما الذي يدعو الى الغرابة أنّ حالة البعض لا تستدعي المراجعة كما يصرحون. ونتيجة لهذه السياسة من قبل هؤلاء الأطباء فإنّ هناك من اضطر الى الاقتراض وآخرون دفعتهم الحاجة الى بيع ما يملكون من حليّ للإيفاء بالتزامات العلاج.
إنّ المعاناة التي تواجهها شريحة المواطنين/المرضى مضاعفة ذلك أنهم من جهة عليهم تلبية متطلبات اسرهم وبالأخص في ظل ارتفاع السلع والمواد الغذائية ومن الجهة الثانية فإنهم بصدد الإيفاء بالتزامات العيادات الصحية من فحص وأشعة وتحاليل لا مفر منها ولا سبيل الى تأجيلها لوقت آخر.
الأطباء يحملون رسالة عظيمة وسامية وكانوا قد أقسموا منذ تخرجهم على أن يجعلوا الطب رسالتهم بيد انّ هناك من نكث بالقسم بجعل الطب تجارة يدر منها الأموال الطائلة برفع أجور الفحص على المرضى والمفارقة هنا أنّ كل ذلك يتم دون حسيب أو رقيب.
 التساؤل الذي نتمنى من المسؤولين في وزارة الصحة بوصفها الجهة المعنية والمسؤولة عن قطاع العيادات الخاصة هو لماذا لا يضعون حدا لهذا التلاعب مما يتعرض له المواطن في الأسعار لدى اطباء العيادات؟ أساس المشكلة التي نحن بإزائها أنّ على الوزارة تحديد اسعار العيادات بحيث تراعى فيها مصلحة الطرفين المريض والطبيب. اذ ليس من المستساغ ولا المعقول أن تبقى الوزارة ملتزمة الحياد في قضية تعد من صميم واجباتها؟
وبالنسبة لأطباء العيادات فإنّ الذّي نرجوه منهم أن يتذكروا انّ الطب من اسمى المهن الإنسانية وبالتالي فالواجب الإنساني يقتضي الا يثقلوا كاهل المواطن البسيط بأسعار ترهق جيوبه. لن نطلب من الإخوة الأطباء اعفاء ذوي الدخول المحدودة من دفع الرسوم – وهذا بالفعل ما فعلته قلّة منهم جزاهم الله خيراً – لكنّ الذي نأمل النظر فيه جدياً هو التخفيف من معاناة المرضى بتخفيض معقول في الرسوم.
الأطباء من جهتهم يرفضون اي تحديد للأسعار مبررين هذا التصرف بالقول نعيش عصر تحرير الخدمات وعلى المواطن أن يختار ما يناسبه! وإنّ هذا المبدأ مطبق في العديد من مجالات الخدمات والطب لا يجب ان يكون استثناء بينها. إنّ المؤسف هنا هو أنّ الإخوة الاطباء يتناسون انهم يتحدثون عن مهنة نبيلة وسامية لا يجب أن تتحول الى تجارة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية