العدد 2149
الثلاثاء 02 سبتمبر 2014
banner
توظيف طاقات الشباب محمد المحفوظ
محمد المحفوظ
ومضة قلم
الثلاثاء 02 سبتمبر 2014

أطلقت وزارة الثقافة مهرجانها الموسوم بتاء الشباب في نسخته السادسة تحت شعار “تجميل تمكين توثيق”. وطبقا لما أعلنه القائمون على الفعاليات فإنه يتضمن مبادرات ثقافية يتم تدشينها للمرة الأولى. نتذكر أنّ الفعالية الأولى كانت في عام 2009م. انّ الاستثمارات التي تشتغل عليها الثقافة هي دائما على الشباب ورهاناتها كانت على طموحاتهم وأحلامهم. ولعل الذي يسترعي الانتباه في هذه المبادرات مشاركة الشباب في الفعاليات الثقافية والفكرية من خلال مشاركة المثقفين والمفكرين تجاربهم وخبراتهم.
الخطوة التي دأبت عليها وزارة الثقافة منذ سنوات هي موضع تقدير وإشادة كونها تستثمر في طاقات الشباب بيد أنّ الذّي نتمناه أن لا تكون وقتية أي مرتبطة بزمن محدد كما اعلن عنها اي لم تكن تتجاوز تسعة عشر يوماً بل المطلوب أن تكون دائمة لتوظيف مواهبهم ودفعهم الى العطاء والإبداع وحتى لا يشعر بعدها هؤلاء الشباب بالجمود. والأمر الآخر تجاوز الفرص المتاحة امامهم اضافة الى ما خطط لهم الى تنويرهم وتبصيرهم بالأدوار المطلوبة منهم وإشعارهم بمسؤولياتهم. ولو أنّ الخطط تضمنت شيئا من هذا لكنّا حققنا عدة اهداف في آنٍ واحد الأول استثمار طاقاتهم فيما يشعرهم بذواتهم والأمر الآخر تجنيبهم ما يعترضهم من منزلقات.
ويبدو أنّ المسؤولية في استثمار الشباب ليست مقتصرة على وزارة الثقافة وحدها بل هناك جهات أخرى تتحمل المسؤولية ونعني بها جهات حكومية وأهلية. وكنا نأمل لو أنّ القطاع الخاص من مؤسسات وشركات أسهم بواجبه بوضع الخطط الكفيلة بالنهوض بقدراتهم. وما هو متوفر اليوم من فرص مقدمة من القطاع التجاري تحديداً يعد ضئيلاً اذا لم يكن معدوماً وإلاّ أين ما يقدم من هذا القطاع لاستثمار طاقات الشباب؟
وإذا كان برنامج وزارة الثقافة قد تضمن مبادرات اساسية منها على سبيل المثال “كلنا نقرأ” و”تشكيل” وغيرها مما ينمي لديهم الحس الفني والثقافيّ الاّ أنّني اعتقد أنّ الذي هم بحاجة اليه ايضاً هو نظرة التقدير والاحترام اليهم وقدراتهم على العطاء والإبداع وما يحملونه من طاقات وإمكانيات لا يجب الاستهانة بها. وهذا لا يتحقق الاّ بزرع الثقة بهم بالدرجة الأولى والأهم مما تقدم كما نتصور هو تقبل اخطائهم والتجاوز عن بعضها اذا كنا حريصين فعلاً على مستقبلهم.
إنّ من الأخطاء الفادحة ان نرمي على جيل الشباب كل اخطائنا وعاهاتنا وهزائمنا الاخلاقية والحضارية ونتنصل من مسؤولياتنا وأدوارنا كآباء ومربين. بينما الممطلوب من كل اب أن يمتلك الجرأة ويسأل نفسه بصراحة هل قمت بما يمليه عليّ واجبيّ؟ وبعبارة أكثر صراحة هل فكر كل فرد منّا في كيفية استثمار طاقات ابنائه؟ إنّ الابناء في مختلف مراحل العمر بحاجة الى التوجيه والثقة بالنفس، فليس اسهل من لومهم وتقريعهم لأتفه الأسباب.
البرامج المقدمة من الثقافة على مدى الأعوام السالفة أسهمت بلا شك في الارتقاء بقدرات الشباب وتفجير طاقاتهم لكن رغم قناعتنا واعتزازنا بها إلاّ أننا نعتقد انّهم بحاجة الى المزيد من البرامج وتكثيف الجهود. وتبقى الإشارة الى ما يعتمل في صدور الكثيرين من هواجس تتمثل في أنّ تفريطنا بهذه الطاقات والمواهب يفتح المجال لمن يستغلهم ويوجههم نحو ما يدمر حاضرهم ومستقبلهم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .