العدد 2147
الأحد 31 أغسطس 2014
banner
قراءة في برامج المترشحين محمد المحفوظ
محمد المحفوظ
ومضة قلم
الأحد 31 أغسطس 2014

يسعى المترشحون للمجلس النيابيّ القادم لعرض برامجهم الانتخابية التي غالباً ما تكون زاخرة بالشعارات المبالغ فيها. وغنيّ عن البيان القول إنّ البرامج عادة ما تعكس طبيعة النهج الذي ينتمي له المترشح. وفي الوقت ذاته تعد البرامج الآلية المتبعة التي على أساسها يتم تفضيل هذا المترشح أو ذاك.
إنّ التقاليد المتبعة في الدول الديمقراطية أنّ من تكون لديهم النية للترشح للمجالس النيابية ضرورة عليهم التعرف عن قرب على كيفية إعداد البرنامج الانتخابيّ أما الحال لدينا فلا يعد هذا شرطا ضروريا يحسب له أحد حسابا لذا فإنّ المترشح لا يعنيه مثل هذا الأمر بل جلّ ما يطمح اليه هو خدمة ابناء منطقته. وهؤلاء لا تعنيهم البرامج الانتخابية بقدر ما يهمهم بالدرجة الأولى ما يقدم لهم من خدمات اساسية كتوفير الوظائف للعاطلين والوحدات الإسكانية. فئة أخرى من المواطنين لا تهمهم البرامج بل الأهم هو ما ينجزه النائب وتواصله مع ابناء منطقته والجهد الحقيقي المبذول.
إنّ البرنامج الانتخابيّ لم تعد اهمية بالغة له اذا كان المترشح لا يتمتع بالكفاءة اللازمة التي تؤهله للنهوض بالدور المطلوب. وما كشفت عنه التجربة أنّ الكثيرين ممن حالفهم الحظ ووجدوا انفسهم نواباً للشعب كانت برامجهم الانتخابية حافلة بالوعود البراقة لكن على صعيد الواقع العمليّ فإنّ هؤلاء تنصلوا من كل وعودهم متناسين حقيقة بالغة الأهمية انّ ما ألزموا انفسهم به من وعود بمثابة عقد اخلاقيّ تجاه من انتخبهم وبالتالي فإنّ اخلالهم بالعقد يجب أن يحاسبوا انفسهم عليه قبل أي حساب من ناخبيهم وهؤلاء علينا عدم الثقة بهم مرة أخرى.
إنّ قراءة سريعة لما أعلن عنه بعض من ينوون خوض التجربة يكشف أنهم لا يخرجون عما سبقت الاشارة اليه. فإحدى المترشحات أعلنت تدشين مشروع لتوظيف العاطلين لأبناء المنطقة والهدف كما جاء في الإعلان هو القضاء على البطالة بين أبناء الدائرة التي تنتمي اليها. ولا أحد يمكنه التعرف على آلية توظيف كل هؤلاء العاطلين الذين قدرتهم المترشحة بتسعة آلاف عاطل. بيد أنّ العجب يزول إذا ادركنا اننا مقبلون على حملات انتخابية مفتوحة.
مترشح آخر طرح حلا للمعضلة الإسكانية بالشراكة مع القطاع الخاص أما مشكلة نقص الأراضي لإقامة المشاريع الإسكانية فإنه يقترح استملاك الأراضي. ولا ندري ما هو الجديد الذي تفتقت عنه ذهنية هذا المترشح اذا كان هذا الحل هو النهج الذي تتبعه الوزارة.
الذي يبدو جليا للمتأمل أنّ انتخابات 2014 تختلف جذريا عما سبقها لما تراكم من وعي وخبرة للناخبين. فرجل الشارع العادي فضلا عن النخب بات يشترط في المترشح الكفاءة العالية والخبرة والجدية بعيدا عن العواطف. فالعمل البرلمانيّ يتطلب وفق مفهومه الكفاءة والإخلاص. وطبقا لما اشار اليه البعض فإنّ المواطن البحرينيّ بعلمه وفكره وثقافته وانفتاحه على الجميع فإنه لا يمكن ان يقبل بأي مرشح قبل التدقيق في ما يحمله من مؤهلات تجعله قادرا على ممارسة العمل البرلمانيّ.
الذي أثار انتباهنا أنّ البعض اخذ يركز على المنطقة التي ينوي الترشح فيها أو الدائرة الانتخابية وهذا بالطبع نظرة ضيقة ونكوص عما بلغته التجربة الديمقراطية الرامية الى النظرة الشمولية متناسيا أنّ النائب هو لكل الشعب وهذا ما تقتضيه المصلحة العليا.
ويتبقى القول إنّ التجربة النيابية خاضعة للتقويم المستمر والمحاسبة الدقيقة لكن الملاحظ أننا لا نزال نفتقر الى هذه الأداة في عملنا وبالتالي هذا ما يجعلنا كناخبين نعيد انتاج الأخطاء مرة بعد الأخرى.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية