العدد 2208
الجمعة 31 أكتوبر 2014
banner
الاستراتيجية الإيرانية التوسعية د. شمسان بن عبدالله المناعي
د. شمسان بن عبدالله المناعي
الجمعة 31 أكتوبر 2014



تستغل إيران الأحداث التي تمر بها المنطقة العربية من أعمال الإرهاب والحروب الأهلية لمد نفوذها الخارجي في الدول العربية، حيث تنشغل دول المنطقة والعالم بالحرب التي تشن على الجماعات الإرهابية الدينية المتطرفة خصوصا "داعش" و"النصرة" في سوريا والعراق.
وليس أدل على ذلك مما يجري في اليمن من احتلال الحوثيين للعاصمة صنعاء وتمددهم خارجها وهم الذين تمدهم إيران بالسلاح والمال، مما يدل على أن إيران لها أطماعها في هذه المنطقة. وهذا يثبت لنا بما لا يدع مجالا للشك أن إيران ليست لديها القدرة على المواجهة المباشرة، إنما هي تستخدم سلاح الطائفية إضافة إلى الدعم المالي والعسكري للجماعات الموالية لها.
إن استراتيجية النظام الإيراني هذه تقوم على إذكاء روح الطائفية والمذهبية والقيام بعمليات غسيل دماغ أفراد الشعب المستهدف خصوصا الشباب وتأجيج الفتن والحروب الأهلية ونشر فكرة المظلومية بين أفراد الشعب ليسهل عليها بعد ذلك مد نفوذها، إذ تخوض هذا الصراع بخلفيات مذهبية محضة باعتبارها - حسب زعمها - قائدة العالم الإسلامي.
وما يثبت لنا استخدام إيران لهذه الاستراتيجية هو ما حدث في لبنان وسوريا والعراق واليمن. إن إيران أضعف من أن تواجه خصومها بالحرب، وما خسارتها في حربها مع العراق أثناء حكم صدام حسين إلا أكبر دليل على ذلك. إن استراتيجيتها هذه تقوم على محور أساسي وهو "طأفنة" الشعب المستهدف لفك اللحمة الوطنية وزرع بذور التفرقة والانشقاق والكراهية والحقد بين أفراد الشعب الواحد، والدفع بشبكات التجسس على المواقع الحيوية والاستراتيجية بالدول العربية، ودعم الجماعات المعارضة للنظام القائم والخروج عليه بالسلاح والمال، إما لكونه حليفا لدولة معادية أو لكونه يمثل عقبة أمام مخططاتها، وبالفعل نجح النظام الإيراني في مد نفوذه من خلال هذه الاستراتيجية.
إننا إذا أردنا أن نبحث عن جذور الإرهاب في المنطقة، سنجدها في سياسة "الطأفنة" التي يستخدمها النظام الإيراني والتي هي السبب الجوهري لهذا الإرهاب المستشري في الدول العربية. وفي ظل غياب الدور العربي في مواجهة التوسع الإيراني، أصبح النظام الإيراني يمثل محورا رئيسيا في كل قضايا العرب ومشاكلهم. ومما عزز من هذا الدور للنظام الإيراني في قضايانا العربية الموقف الأميركي بغزوه للعراق ووصوله بحكومة طائفية للحكم، وموقفها المتردد من القضية السورية. ومن جانبها تعاملت أميركا مع القضايا العربية من منطلق مصالحها الخاصة، ورئيسها أوباما، الذي لم يشهد تاريخ أميركا رئيسا مترددا في قراراته مثله، لا يفكر إلا في قضية واحدة وهي إرهاب الجماعات المتطرفة مثل "القاعدة" وغيرها، ولا يعنيه أن يعاقب الدول التي أوجدت الإرهاب وساهمت في إيجاد هذه الجماعات. إن ما يجري للشعب السوري من تقتيل وإبادة هو إرهاب دولة، وما جرى للشعب الفلسطيني في غزة من مذابح هو إرهاب دولة، فماذا كانت ردة فعل المجتمع الدولي لهذين الشعبين؟
كما شارك النظام الإيراني وروسيا في حرب الإبادة التي يشنها النظام السوري على شعبه، فماذا فعلت أميركا ودول أوروبا؟ وهذا ما يفسر لنا تغير الخطاب الإيراني بعد تقاربه مع أميركا، ففي الثمانينات كان الخطاب الإيراني تجاه أميركا وإسرائيل يعتمد على المصطلحات الساخنة، مثل "الشيطان الأكبر"، "الصهاينة إلى زوال". أين تلك العبارات الرنانة الآن؟ في المفاوضات مع إيران على مشروعها النووي يتبادلون القبل والابتسامات العريضة، علَى ماذا يدل ذلك؟ وما الذي حدث؟ بل ويذهب الرئيس الأميركي أوباما إلى أبعد من ذلك؛ ففي آخر تصريح له قال: "إننا سنلغي العقوبات الاقتصادية عن إيران".
المستقبل القريب سيكشف الكثير عن المخطط الإيراني الأميركي في المنطقة وإن غدا لناظره قريب.
الشرق الأوسط

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .