من أجل النجاح في عالم اليوم الذي يتسم بحدة المنافسة الكبيرة يجب على المؤسسات أن تكون قادرة على أن تبتكر في المنتج والعمليات ونوعية الخدمات. ويستلزم ذلك أن تكون مهام القيادة الاستراتيجية متميزة في صنع ما يعرف بالقرارات الاستراتيجية.
وفي هذا السياق، حظي هذا الجانب اهتمام مختلف القائمين على تصميم برامج إدارة الأعمال الباحثة عن التميز والتنافس. فالقرن الواحد والعشرون يتسم بملامح استراتيجية خاصة أملتها التطورات والتحولات الاقتصادية والاجتماعية والبشرية، تستوجب منا كعاملين أن نعيد النظر في ممارسة العمل القيادي، أسلوباً وممارسة. فعلى سبيل المثال، أصبح العمل ضمن إطار معايير إدارة الجودة الشاملة من أهم سمات العمل القيادي في يومنا هذا، وأن هذه الحاجة لا تقتصر على مجالات الإنتاج وإدارة العمليات فحسب، بل ينبغي أن تكون شاملة لجميع مفردات العمل التنظيمي.
إن جودة المخرجات من سلع أو خدمات ليست حصيلة العمليات الإنتاجية فقط، وإنما هي حصيلة عمل جماعي تتسم به جميع حلقات ومستويات الإدارة في المؤسسة، الإدارية والخدمية والفنية وغيرها. وهذا ما تدعمه حقيقة أن الجودة الشاملة لا يمكن أن تعمل دون تهيئة بيئة عمل تنظيمية تصيغها وتخطط لها الإدارة العليا على أساس أنها المسؤول الأول عن إدارة الجودة.
لقد قدم خبير الجودة “ديمنج” أربع عشرة نقطة رئيسية لإدارة الجودة الشاملة، وأكد أن بدايتها هو القيادات الاستراتيجية. وذلك لكون أن القرار الاستراتيجي باختيار الجودة هو في الأساس قرار تقرره الإدارة العليا في المؤسسة وهو يُعبر عن وجود فلسفة تنظيمية تساعد على تحقيق أعلى درجة ممكنة من الجودة في العمليات والأساليب والأدوات فضلاً عن إعداد بيئة تسعى فيها الإدارة والموظفون إلى تحسين الجودة بشكل مستمر.
وفي هذا السياق، يجدر القول إن ما حققته مملكة البحرين من تطور وإنجاز كبير في تطبيق الجودة الشاملة في الموسسات الحكومية خصوصا، يستحق الشكر والثناء عليه. فلو قمنا بتقييم مستوى الخدمات فسوف نُلاحظ أنه يوجد تطور مستمر في هذا الجانب، الأمر الذي يعكس حقيقة انتشار ثقافة الجودة في المؤسسات وكذلك بين الموظفين وينعكس بالتالي على جودة المنتج ونوعية الخدمة التي تصل إلى المواطن. وسوف نتناول في المقال القادم بإذن الله تعالى موضوع قيادات الحاضنات المعرفية في المؤسسات وعلاقتها بالعمل القيادي.