العدد 2146
السبت 30 أغسطس 2014
banner
مخيم “ليبرتي” والنهج غير الإنساني للسلطة العراقية د. محمد الموسوي
د. محمد الموسوي
السبت 30 أغسطس 2014

لقد دأبت السلطة العراقية على انتهاج منهجين في سياستها فيما يخص عناصر منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة المتواجدين في مخيم ليبرتي كلاجئين تحت مظلة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين الذي نقلوا من مخيم أشرف تحت رعاية دولية وبموجب اتفاق بين الأمم المتحدة والولايات المتحدة والمنقولين سكان مخيم أشرف من جهة، والسلطة العراقية من جهة أخرى تتعهد فيها الأخيرة بالرعاية والحماية والاحترام الكامل وهكذا تعهدت لكنها نكثت بالعهود وكان عهدها مع نظام طهران أكثر قداسة واحتراما.
انتهجت السلطة العراقية منهجين... الأول تقر به أمام الأمم المتحدة وتخالفه على أرض الواقع بلا أدنى اعتبار لقيم أو مواثيق، والثاني تقر به وتذعن له امام ارادة ورغبة نظام طهران وهو المنهج القاضي بتعذيب وإهانة سكان ليبرتي وقتلهم والتنكيل بهم وهو امر تعلم به الامم المتحدة تماما ويعلم به العالم اجمع وهذا ليس غريبا على السلطة العراقية التي تعامل مواطنيها بمليون مكيال احدهم على اساس عرقي والآخر على اساس ديني والآخر على اساس طائفي والآخر على اساس حزبي والآخر على اساس مناطقي وغيرهم على اساس عشائري وأسري وفي اطار المحاباة والموالاة وكثيرة هي اشكال العنصرية والتمييز وكثيرون هم الأبرياء في السجون بسبب ذلك، فما بالك بالأبرياء العزل في ليبرتي وقد أوصى الخليفة في طهران بقتلهم وترويعهم، وهنا قد أهدت الأمم المتحدة سكان مخيم أشرف سابقا لنظام طهران على طبق من ذهب عندما نقلتهم الى ليبرتي في شكله المحدد للقمع ووافقت على ان يحمي الجلاد ضحيته.
المتأمل بدقة للواقع في ليبرتي يجده كمعسكر أسر أو سجن غير أن المسؤول عن المساجين أو الأسرى لا يقوم بواجباته تجاههم من رعاية أو حماية، علما ان سكان اشرف سابقا ليسوا بأسرى أو مساجين بل هم افراد محميون بموجب اتفاقية جنيف الرابعة وتم تفتيش جميع مواقعهم والاعتراف بهم فردا فردا من قبل قوات التحالف الدولي والامم المتحدة كأفراد تحت الحماية الدولية وفقا لاتفاقية جنيف الرابعة واليوم هم لاجئون معترف بهم تحت مظلة المفوضية السامية.
حين كانوا في اشرف كان الحصار الشامل والقتل والتنكيل وقتل المرضى بمنع الدواء والتداوي مستمرا عليهم، ولما أرادوا نقلهم وعدوهم بحال افضل ومساحة وواقع افضل والمفاجأة كانت ان المساحة مساحة لا تكفي لسجن عدد بعددهم وأن المعاملة هي نفس النمطية وفيها استخفاف واضح وصريح وملموس بالاعراف الدولية ولم يتوقف القتل ولا منع العلاج ولا الحصار ولا التنكيل لكنه اليوم بإشراف دولي، لم يتوقف القصف ولا محاولات الإبادة ولا التهديد بالإبادة من قبل جماعات موالية لطهران.
استمرارا للنهج اللاإنساني من قبل السلطة العراقية تجاه سكان ليبرتي وبتوصية من طهران فإنهم في موقع في غاية الخطورة وغير آمن مطلقا كما ان منع السلطة العراقية للأدوية والعلاج ودخول المحروقات الى المخيم يعد أمرا بالغ الخطورة في صيف العراق غير المحتمل علما ان المحروقات الواردة الى المخيم تستخدم في توليد الكهرباء اللازمة لإدامة الحياة فقد منعت القوات العراقية في هذا العام دخول الوقود الى ليبرتي في 13 تموز من هذا العام وفي 14 آب ايضا ومازال المنع مستمرا. إن هذا النهج جريمة ضد الانسانية لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة وهو أمر دأبت عليه السلطات العراقية التي وضعت ارادتها بيد طهران والمستغرب هنا هو موقف الامم المتحدة والمجتمع الدولي الصامت امام هذه الجرائم التي تمارسها السلطة العراقية وأفرادها بدوافع سياسية مع افراد تحت حمايتها كلاجئين تابعين للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين. مما يثير الاستغراب هو ادانة السلطة العراقية لعصابات داعش الإجرامية الوجه الآخر للعملة، يمكن لها ان تحارب الارهاب وتمارسه وأن تقاوم البغي والظلم وتمارسه.
تساؤل يطرح نفسه: لماذا تم نقل سكان اشرف الى ليبرتي مادامت نفس الممارسات قائمة ومادامت نفس النوايا قائمة مفعلة؟ هل رضخت الامم المتحدة لمطالب عراقية معلنة وإيرانية مبطنة ام انها ارادت سلامة اللاجئين ووضعا أفضل لهم.. فإن كان ذلك فأين هو؟
لا يعترض السكان على مشروع التوطين في بلد ثالث في ظل مطالبة السلطة العراقية وبالأحرى فصيل واحد بالسلطة العراقية هو من يطالب برحيلهم وقتلهم والتنكيل بهم.. ولما هذا التناقض المريب تريدون إخراجهم من العراق وتهدد طهران كل من يرغب في استقبالهم وتضع العراقيل امام توطينهم في بلدان ثالثة فترى ماذا تريد طهران؟ ألم يدرك العالم بعد وفي مقدمتهم الأمم المتحدة مدى خطورة أوضاع اللاجئين في ليبرتي.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .