العدد 2197
الإثنين 20 أكتوبر 2014
banner
عراق صدام حسين وعراق “المرشد” نزار جاف
نزار جاف
الإثنين 20 أكتوبر 2014


العراق الذي كنت أحلم به كأي معارض عراقي لنظام حكم صدام حسين، كان عراقا يرفل بالحرية والديمقراطية ويزدهر بالابداع ويتألق المبدعون في شتى المجالات، عراق كنت أتصور “كالكثير من الحالمين”، بأنه سيكون عراقا فريدا من نوعه وسيصبح نموذجا وقدوة يحتذى بها للمنطقة، وكنت مصرا على هذا الحلم حتى عدة أعوام من بعد سقوط نظام صدام حسين.
صدام حسين، كنت أعتقده حالي كحال معظم المعارضين العراقيين، بأن بقاءه واستمراره في السلطة يقف عقبة بوجه طموحات وتطلعات الشعب العراقي ونخبه المثقفة الواعية في بناء نظام سياسي يعبر عن إرادة الشعب العراقي، لكن، وبعد أن سقط نظام صدام حسين وأعدموه بتلك الصورة التي عبرت عن عقلية متخلفة، وبعد صبر لم يطل، تمخضت الأوضاع عن نظام سياسي أقرب للمسخ ويجمع بين دفتيه الكثير من التناقضات والمفارقات المثيرة للسخرية والقرف.
في عراق صدام حسين، كانت هنالك حملات إعدامات، كان هنالك الأنفال، والقبور الجماعية في كردستان وجنوب العراق، وكان القصف الكيمياوي لمدينة حلبجة، لكن، في نفس الوقت كان هنالك نظام وقانون ودولة تسير الأمور، كان المواطنون ينامون باطمئنان، أما في عراق اليوم، فهناك فلتان أمني وجيش منهار ليس بمقدوره أن يحمي نفسه وقادته يذبحون كالنعاج على أيدي الإرهابيين، هناك تفجيرات واغتيالات وميليشيات عميلة تقوم بإخراج السجناء من السجون وتنفذ بهم حكم الموت بمشيئتها ورغبتها ونزوتها الخاصة، في عراق اليوم، هناك العشرات من الاحزاب التي تتسابق فيما بينها من أجل نيل الحظوة لدى البلاط، في عراق اليوم هناك ساسة يزعمون بأنهم الوطنيون الحقيقيون وهم تهافتوا لتقبيل يد مرشد النظام الإيراني بكل “ذلة”.
عراق صدام حسين الذي كنا نقول إنه جلاد وقاتل وسفاح يفتك بالشعب العراقي، لم يكن بوسع منظمة العفو الدولية وسائر المنظمات الأخرى المعنية بشؤون حقوق الإنسان ان تذكر أرقاما للمعدومين والمسجونين والمختطفين والمغرر بهم كما هو الحال في عراق اليوم، حيث لم تعد هذه المنظمات بحاجة لتبذل جهدا وعناء من أجل الحصول على أرقام بشأن المعدومين والذين تم اغتيالهم أو ترحيلهم عن ديارهم عنوة أو بشأن تلك المساجد التي يتم تفجيرها على يد تلك الميليشيات الداعشية التي تتنافح شرفا بتعليق جثث عراقيين لم يرتكبوا أية جريمة سوى أنهم وجدوا آباءهم على طائفة وهم جبريا على دربهم سائرون.
عراق اليوم، حيث ينتقم الداعشي بقتل وإبادة المواطنين النائين بأنفسهم من نار هذه الفتنة، وعوضا عن أن يقدم للشعب مكسبا أو منجزا اقتصاديا أو ما شابه، يعلن عن اكتشاف مليار ونيف من أموال الشعب العراقي المسروقة على يد “أعداء صدام”، لكن لا يزال الكلام سابقا لأوانه بشأن 299 مليار دولار آخر منهوب من أموال الشعب العراقي لأن اكتشاف ذلك مستحيل طالما بقيت الميليشيات تتحكم بخناق بغداد وطالما بقيت قبضة الولي الفقيه تهيمن على العراق كله، وغريب بعد كل هذه المآسي والمصائب أن نعود الى نقطة الصفر والانطلاق الأولى لنبحث مجددا عن الخلاص من قبضة وبراثن الولي الفقيه.

إيلاف

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .