العدد 2165
الخميس 18 سبتمبر 2014
banner
اليوم العالمي للديمقراطية عبدعلي الغسرة
عبدعلي الغسرة
الخميس 18 سبتمبر 2014

يحتفل العالم في الخامس عشر من شهر سبتمبر من كل عام باليوم العالمي للديمقراطية، والديمقراطية ليست هدفا بذاتها إنما هي وسيلة لتحقيق المتطلبات من حقوق وحريات، وكلما تميزت الديمقراطية بالكفاءة والشفافية والنزاهة كلما كانت بيئة جيدة لحماية حقوق الإنسان وحرياته. ويعود احتفال هيئة الأمم المتحدة باليوم العالمي للديمقراطية إلى “إعلان الأمم المتحدة بشأن الألفية الجديدة” الصادر عن هيئة الأمم المتحدة في الثامن من سبتمبر عام 2000م الذي وقعت عليه جميع الحكومات العربية. ويهدف هذا الإعلان إلى “دعم مبادئ الكرامة الإنسانية والمساواة والعدل، احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، احترام ما للناس من حقوق متساوية دون تمييز على أساس العرق أو الدين أو اللغة أو الجنس”، مع تحمل كل مجتمع من المجتمعات تحقيق ذلك لمواطنيها. وهذه البنود الحقوقية لا تتعارض مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948م الداعي لحماية الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية لجميع شعوب العالم.
وتعزيزاً للمنهج الديمقراطي وتطبيقاته عملت مملكة البحرين على جملة من الأمور مما ساهم في تقوية بنية الشراكة الوطنية لتكون نقطة انطلاق باتجاه الحريات العامة والتعددية السياسية والديمقراطية، وجاءت الانتخابات التشريعية “البرلمان والمجالس البلدية” في دوراته الثلاث (2002م، 2006م، 2010م) تأكيداً لهذا المسار، وشاهداً على رغبة القيادة السياسية للسير في هذا النهج، بينما هذه تمثل معضلة في بعض الأقطار العربية والدول الإقليمية الأخرى.
والديمقراطية ليست نهجاً ثابتاً ونموذجا معينا تسير عليه جميع دول العالم، فالديمقراطية يمكن تطبيقها وفقاً لطبيعة النظام السياسي والآليات المعمول بها، ودرجة تطور المجتمع المحلي بجانب المؤثرات الداخلية والخارجية، فالمنازل واحدة لكن تفاصيل بنائها وتركيباتها تختلف من منزل إلى آخر. اختارت مملكة البحرين ديمقراطية تتفق مع ظروفها وقيمها وعاداتها وتقاليدها، لم تكن ديمقراطية تدعو إلى تقسيم البلاد إلى قسمين، ولا ديمقراطية تعمل على إقامة كيانات سياسية تحت مظلات طائفية، بل ديمقراطية تدعو إلى التسامح والتعايش تحت مظلة بلاد واحدة وقيادة سياسية واحدة، ديمقراطية تحترم القوى السياسية وتحترم الحريات وحق الاختلاف، عبر صناديق الاقتراع والالتزام بنتائجها إيماناً بالشراكة الوطنية والمجتمعية في صياغة القرار الوطني. ديمقراطية تجمع ولا تشتت، ديمقراطية تنمي لا تفسد، ديمقراطية تشمل لا تقصي ولا تهمش أحدا.
إن المسار الديمقراطي الذي اختارته مملكة البحرين يتواءم مع مشروعها الإصلاحي، فالديمقراطية ليست بضاعة تستورد وتنفذ كما هي، بل هي ممارسة وطنية يُشارك فيها أبناء الشعب عامة دون استثناء أحد أو إبعاده. ويتوافق احتفال هذا العام باستعدادات مملكة البحرين بتنظيم الانتخابات الرابعة للبرلمان والمجالس البلدية لعام 2014م، إن استمرار الدولة بإجراء الانتخابات كل أربع سنوات ومشاركة المواطنين فيها تؤكد حرص الجميع على الاستمرار في النهج الإصلاحي الذي يقوده جلالة الملك. إن 12 عامًا قليلة في تجارب الشعوب السياسية، وبالنسبة للبحرين فهي لبنات ساهمت في وضعها القيادة السياسية مع المواطنين، هذه اللبنات تؤكد التلاحم الحقيقي بين القيادة والشعب في إرساء الطريق الديمقراطي المميز لمملكة البحرين.
لم يعش أجدادنا ومن سبقهم على هذه الأرض الطيبة في أجواء ديمقراطية كما هي الآن التي لدينا، إلا أن حياتهم كانت مليئة بالرضا وثرية بالتسامح والتعايش مع الآخر، فكانت مجالسهم العامرة بالناس والطيبة عبارة عن برلمانات، يجرون فيها الحوارات ويناقشون فيها ما يستجد من أمورهم، يتسامرون فيها ويتشاورون في مشاكلهم التي يتم حلها في يومها وساعتها عن طريق نخبة من الرجال الحكماء من شيوخ وتجار وحكام. كانت هذه هي الديمقراطية المُثلى في ذاك العصر الإنساني الجميل، فكم تحتاج البحرين اليوم وشعبها إلى ذلك العصر النبيل وإلى مثل أولئك الأجداد العظام وإلى تلك النخبة من الحكماء والشيوخ من أهل الدراية والخبرة والعلم؟.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .