العدد 2144
الخميس 28 أغسطس 2014
banner
لماذا يتفوق الغرب على العرب؟ عبدعلي الغسرة
عبدعلي الغسرة
الخميس 28 أغسطس 2014

لا نفتح يومًا إحدى وسائل الإعلام من تلفاز أو صحف أو مواقع إلكترونية إخبارية إلا وأول ما نشاهده قتل وضحايا من العرب، خصوصا في أقطارنا العربية، صحيح هناك أموات آخرون ولكن موت ليس بطريقة العرب الذين يقتلون بعضهم بعضًا من أجل السلطة والمال وملك لا يبقى ولا يدوم. أبناء العرب خصوصا شبابهم يُقتلون في سوريا والعرق، في اليمن وفي ليبيا، ويا ليتهم من أجل شيء يستحق، ويا ليت يحاربون من أجلهم ومن أجل وطنهم أو دينهم، بل إنهم يحاربون بالنيابة عن الغير. عن مؤسسات ومنظمات تدعي الإسلام، منظمات طائفية وإرهابية تضحك على المغرر بهم باسم الدين والحرية والديمقراطية، وتهنئهم بالشهادة مُسبقًا، ومن سذاجتهم يفرحون.. يفرحون حينما يقولون لهم إنهم إذا نالوا الشهادة فإن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه يقفون على أبواب الجنة لاستقبالهم! يقتلون الناس بالسيوف والرصاص ويدفنونهم أحياءً ويريدون أن يدخلوا الجنة من أبوابها! يا للغباء والاستهزاء بالدين وقيمه. لا يمكن للإنسان بفطرته الإنسانية السليمة أن يقبل مثل هذا الانحلال الأسود والاستهزاء الأحمق بقيم الأديان السماوية. وغريب من أولئك الناس الذين يتركون أوطانهم وأسرهم ويصدقون أولئك القتلة الذين يزجونهم في حروب مصلحية صرفة باسم الدين.
وبعد كل هذه المشاهد القتالية المُرعبة إنسانيًا والمُحرمة دينيًا نستغرب.. لماذا يتفوق الغرب علينا نحن العرب؟ نحن العرب الذين نمتلك مخزونا هائلا من الخبرات البشرية والطاقة النفطية والأرصدة المالية التي ليس لها عد، نحن العرب نمتلك كل شيء ولكن لا نملك أي شيء، نملك الموارد البشرية والمادية لكننا لا نستطيع أن نجسدها فيما نحتاج إليه من سلع وخدمات، ولماذا نتعب وننتج بينما نحصل من الغرب على كل شيء؟ كل شيء نحصل عليه من الغرب، الغرب الذي ينتج سلعه بأموالنا العربية المتراصة في مصارفه، الأموال العربية المُحرم سحبها من تلك المصارف والممنوع استخدامها عربيًا. هذه هي قيمة العربي في الغرب.. قيمته بما يملك من أموال وبما يشتري بها من المنتجات الغربية والدكاكين الغربية.
وتسألون لماذا يتفوق الغرب على العرب؟ ليس فقط بسبب عدم استخدامنا الأصح لمواردنا المالية وجغرافيتنا بل لأسباب أخرى، خير مثال.. ما نشاهده من الاقتتال بين الشعب الواحد، كما يحدث في ليبيا والعراق واليمن والسودان وسوريا، والإنسان الغربي له قيمة وكرامة كبيرة في بلده بينما لا يتمتع الإنسان العربي بذلك، ألم تلاحظوا بكاء الرئيس الأميركي على قتيل واحد أو قتيلين أميركيين بينما يقتل الشعب السوري والفلسطيني واليمني والليبي والعراقي ونحن نتفرج. الإعلام الغربي يحترم عقل المشاهد الغربي على عكس الإعلام العربي الذي يتنافس في بث مشاهد القتل والانتصار الكاذب هنا وهناك.
في الغرب يبدأون يومهم بالعمل على القضاء على الأمراض القديمة منها والجديدة، يستخدمون ما يملكون من الموارد لتحسين البيئة التي تساهم في إنعاش حياة إنسانهم، ويخترعون وسائل النقل التي تقلل من الإزعاج والكوارث وتحسن من البيئة، يعملون على تطوير الطائرات والسيارات والمنتجات الترفيهية وغيرها من المنتجات التي تمد من عُمْر الإنسان وتمتعه بالصحة والعافية. بينما نحن العرب نبدأ يومنا بمشاهدة صور القتلى والجرحى والمهجرين من ديارهم، صور المخيمات للنازحين من المواطنين العرب المؤقتة القديمة منها والجديدة، ويا ليت أن المسؤولين العرب يعملون على عودة هؤلاء اللاجئين والنازحين من العرب إلى ديارهم بدلاً من ماراثون المساعدات التي تنهال عليهم من هنا وهناك.
تفوق علينا الغرب وسيتفوق أكثر وأكثر. بالرغم من عداء حكوماتهم وسياسييهم للعرب إلا أن العالم الغربي عالم جميل ومثير يجذب الملايين من السياح إلى أراضيه، بينما نحن العرب نعيش في عالم متوحش، في الغرب يعيش الجميع في مساواة تامة، ونحن نعيش في عالم لا مكان فيه للضعفاء، في الغرب ومع اختلاف مشاربهم وآرائهم فإنهم يعيشون معًا، ونحن مَن يملك القوة والسطوة يسحل أصحاب الرأي الآخر تحت راية الخصومة السياسية. قد نؤمن بالمؤامرة الغربية كنظرية ولكن الذي يجسدها نحن على أرضنا وما حصلت من أحداث قبل وبعد ما سُمي بالربيع العربي على الأقطار العربية لشاهد على صحة ذلك. كثير من شعوب العالم أخذت حقها السياسي والديمقراطي والحقوقي بطرق تختلف عن طرق الربيع العربي الذي سقط بين ثناياه الآلاف من الضحايا والأبرياء الذين لا علاقة لهم بهذا الربيع المضجر بالدماء والمآسي والخسائر العربية.
إن ما مر من أحداث وما يحدث لنا اليوم على أرضنا العربي يوضح أن علتنا هي باطنية داخلية أكثر منها خارجية، سواء من الإعلام المشوه أو من السياسيين الفاسدين أو من غيرهم، ولهذا يتفوق الغرب علينا لأنهم أصدق منا في كل شيء.. نعم في كل شيء.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية