العدد 2207
الخميس 30 أكتوبر 2014
banner
اختطاف العراق في عهدنا “الديمقراطي” عزيز الحاج
عزيز الحاج
الخميس 30 أكتوبر 2014

أجل، العراق مختطف كله منذ هيمن الإسلام السياسي ومليشياته على مقاليد المجتمع والسلطة.
ابتداء بسيادة العراق، التي صارت أداة لولاية الفقيه وجسرا لأغراضه. فعراق اليوم ضيعة إيرانية وساحة لتصفية حسابات ولتدخلات إقليمية من كل حدب وصوب. المالكي يبكي على سيادة العراق وهو يقصد ممارسات أردوغان. ولكن من وضع العراق تحت الحماية الإيرانية الكاملة ما بين خامنئي وبنادق سليماني وفيلقه الإرهابي؟! أما أردوغان فلا نستغرب مواقفه التي أججت الأزمات وشجعت الإرهابيين.
أمن العراق ومواطنيه مختطف بالتمام. تخطفه المليشيات ووحوش داعش، ومن قبل، قاعدة بن لادن، التي كانت تنسق مع النظامين السوري والإيراني حتى سنوات قليلة ماضية - أي قبل الثورة السورية. موت جماعي كل يوم بالمتفجرات والكواتم وقطع الرؤوس وإعدام المسجونين على الهوية الطائفية، فلا أمن ولا عدالة قضاء بل انفلات هوس القتل والتمثيل بالجثث والرقص على الأشلاء.
الأقليات الدينية مختطفة منذ سنوات. بدأت المليشيات بالصابئة المندائيين والمسيحيين، وجاءت القاعدة للتسابق في المهمة القذرة مع هذه المليشيات. ووصل الدور للشبك في سهل نينوى قبل داعش بسلب الممتلكات. وجاءت كارثة الكوارث مع استباحة الأيزيديين وسبي النساء والأطفال والاغتصابات الجماعية والقتل بالآلاف. ولا تزال تقض مضجعي صرخات هذه الفتاة الأيزيدية السجينة في مكان ما وهي تنادي من يسمعها من البشمركة “لو كنتم تعرفون مكاننا فاقصفونا بالله عليكم لنتخلص من هذا الجحيم اليومي”. تقول إنها اغتصبت في صباح ذلك اليوم وحده ثلاثين مرة وهي لا تكاد تكون قادرة على الحركة والغسل. أية مأساة وفاجعة. أبكيك يا فتاتي المعذبة، أبكيك. وكيف لا، كيف لا! وكم أتمنى لو أمكن جمع كل وحوش داعش في ساحة واحدة وقذفوا بسلاح كيميائي لا يبقي منهم أحدا بل يمحوهم محوا.
المواطنة مغتصبة ومختطفة، اغتصبها وخطفها دعاة الطائفية والمتاجرون بالدين والمذهب وحراس نظام المحاصصة المقيت، الذي لا يزال ساري المفعول رغم تنحية المالكي طغت القواقع المذهبية والفئوية والعرقية وصار لكل فئة وطن خاص من جنسها وعرقها ومذهبها. الجيش لم يعد جيشا لكل العراقيين بعد أن ملأوه بالمليشيات وأقحموه في المراسيم، فلا عجب أن يفشل في مقاومة داعش وغير داعش. الطائفية تنخر كل شيء، وحتى مثقفون كانوا علمانيين نجد بينهم من تحولوا لطائفيين حتى النخاع.
أما المرأة العراقية فقل على حقوقها وكرامتها السلام في عهد هيمنة أحزاب “الائتلاف”. فرضوا الحجاب حتى على الصغيرات، وألغوا قانون ثورة 14 تموز لصالح أحكام الشريعة والقانون الجعفري. وصار الميدان واسعا لنائبات يروجن لولاية الرجل، ومنهن من ينضحن بالطائفية تحت شعار “سبعة مقابل سبعة” تجاوبا مع نداء المالكي “أنا ولي الدم”. ومع خطف المرأة والمواطنة، ثمة خطف التربية والتعليم من موقع التخلف والعودة لعهود الانحطاط، وهو ما يستحق مقالا خاصا.
وهل نتحدث عن خطف الثروات بالملايين والمليارات وعقود سلاح فاسدة ونهب القصور والأراضي على أيدي أصحاب الحل والعقد! وهذا بينما الفقر شائع والبطالة عالية النسبة والأيتام في الشوارع يتسكعون، معرضين للانتهاكات، والأرامل بالملايين. صارت السلطة وسيلة تكديس الثروات والامتيازات في عهد يصفونه بالديمقراطي.
نعم، كل شيء منتهب ومختطف في عهد حكم الأحزاب الدينية الحاكمة التي تتاجر بـ “المظلومية”، وما جماهير الشيعة من يحكمون بل أحزاب وساسة ورجال دين لا يمثلون غير الأقلية من بين شيعة العراق. واعلموا أن شيعة العراق هم أيضا مختطفون.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية