العدد 2165
الخميس 18 سبتمبر 2014
banner
القوة الشرائية للمواطن البحريني أحمد مبارك سالم
أحمد مبارك سالم
وقفات
الخميس 18 سبتمبر 2014

تمثل القوة الشرائية للمواطن أمراً مهماً يتحدد من خلاله التصنيف لمن يمكن اعتبارهم ضمن الفئة المتوسطة في المجتمع، حيث تعتبر هذه الفئة بمثابة رمانة الميزان لاستقرار أي مجتمع متى ما كانت هي الغالبة فيه، حيث إن أي مجتمع لا يمكن أن يكون كله أغنياء، وقد يسوده الفقر، وحتى يتحقق فيه الاستقرار فلابد أن تكون به نسبة عظمى من الطبقة المتوسطة التي لا تعيش حد الكفاف، ولا تستوعب عيشة الأغنياء من حيث الإمكانات والأدوات.
ومن أجل ذلك فإن الدولة تسعى دائماً إلى توسيع نطاق هذه الفئة ودعمها وفق متوسط معقول؛ إذ لا يمكن بقاء تصنيفها ضمن فئات مبالغ معينة، ولا يمكن تحقق نطاقها بصورة ثابتة ضمن معدل ثابت، بل تتفاوت وفق قوة وضعف القوة الشرائية للمواطن، والتي تفرضها حالة الغلاء السائدة في السوق، والمرتبطة بمعطيات محلية وعالمية.
لا أعتقد أن أحداً يخالفني الرأي عندما أقول إن المواطن البحريني طيلة الشهور الماضية مازال يعاني الأمرين من تكدس المصروفات الشهرية عليه في ظل انخفاض معدل دخله الشهري بصورة واضحة، فمنذ شهر يوليو المنصرم توالت مناسبات عدة كبدت ميزانية المواطن البحريني الكثير من المبالغ حتى أوصلتها مرحلة الاهتزاز، فبعد مصاريف الشهر الفضيل أتت مصاريف عيد الفطر، ومن بعدها مصاريف الصيف، لتتلوها مصاريف الدخول للمدارس، وها هي مصاريف عيد الأضحى المبارك على الأبواب، حيث توالت هذه المناسبات بصورة أرهقت المواطن البحريني من الناحية المادية.
إن سؤالاً بسيطاً نطرحه على الجهات المعنية في الدولة... هل بدأت نطاقات الطبقة المتوسطة في المجتمع في ظل حالة الضعف للقوة الشرائية للمواطن في الانكماش؟ وإذا كان الجواب “نعم”، فما هي الإجراءات التي اتخذتها الدولة لمواجهة ذلك حماية للمستهلك ولمصلحته في توفير لقمة العيش؟ لاسيما أن علاوة الغلاء ما عادت قادرة بالنسب المقدرة فيها على مواجهة شبح الغلاء الزاحف بسرعة التيارات الفيضانية التي دمرت الأخضر واليابس، مما يستلزم إعادة قراءة الاعتبارات لإعادة الأمور إلى نصابها المعتاد.
لقد تكالبت الظروف العسيرة كثيراً على المواطن البحريني في ظل ضعف دخله الذي ما إن يتغير حتى تجد بعض التجار الجشعين يصطادون في الماء العكر لتقويض القدرة الشرائية للمواطن البحريني، وفي رأيي فإنه لا يمكن مواجهة حالة الغلاء السائدة التي أضعفت القدرة الشرائية للمواطن البحريني في ظل الجهود المتواضعة التي تقوم بها إدارة حماية المستهلك بوزارة الصناعة والتجارة؛ ذلك أن المفترض في مثل هذه الحالة لتعزيز النظام المؤسسي ضمن هذا النطاق دعم جمعية حماية المستهلك مثلها في ذلك مثل غرفة صناعة وتجارة البحرين، وعدم ترك الحبل ليتحكم بتفاصيل الأمور بعض التجار الجشعين الذين لا يهتمون إلا بزيادة أرباحهم، فإلى متى ستظل جمعية حماية المستهلك بهذه الصورة المهزوزة التي أوصلت المستهلك البحريني إلى هذه القوة الشرائية الضعيفة؟
إن الإشكالية بالنسبة للمواطن البحريني المغلوب على أمره أنه يواجه السيل الجارف للغلاء المتصاعد في السوق بإمكانيات محددة، فهذا المواطن بدخله المتواضع مطالب بأن يسد حاجات كثيرة ومتوالية أصبحت تمثل ضروريات لحياته، وكلما سد حاجات ما توالت حاجات أخرى من هنا وهناك، خصوصا في الشهور العجاف التي ذكرناها، والتي يظل يعاني منها الأمرين مع كل صيف يمر عليه، حيث يزداد حرقة من حر الصيف ومن زيادة الأسعار التي تتراكم معها المناسبات المتوالية دون تحريك أي ساكن من الدولة لتحسين أوضاعه في ظل هذه الظروف.
زبدة القول
إن رفع الضعف الذي حل بالقوة الشرائية للمواطن لا يمكن أن يتمثل أبداً برفع الرواتب فحسب، بل لابد من بناء نظام مؤسسي يكفل تحقيق التوازن بين التاجر والمستهلك، مع عدم قصر الدعم على التكتلات التجارية بمنأى عن دعم النظام المؤسسي للمستهلكين، ولا شك أن ترك الحبل على القارب في ذلك كفيل بتقليص الطبقة الوسطى في المجتمع، والتي تعتبر بمثابة رمانة الميزان لاستقرار أي مجتمع.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .