وأنا أتابع تصريح نتنياهو بخصوص إنشاء دولة فلسطينية في السعودية، وردود الفعل الرسمية والشعبية، استحضرت قصة من تراثنا تقول إن سليمان عليه السّلام رأى عصفورا يقول لعصفورته لو شئت أخذت قبّة سليمان بمنقاري فألقيتها في البحر، فتبسّم سليمان من كلامه ثم قال للعصفور أتطيق أن تفعل ذلك، فقال لا يا رسول اللّه، لكن المرء قد يزيّن نفسه ويعظمها عند زوجته.
فهذا الغارق في مستنقع الهزائم المتتالية منذ 7 أكتوبر جُل كلامه موجه للداخل الإسرائيلي للمحافظة على ائتلافه الهش، ولا ينبغي الانشغال به، ولا تصديق كل ما نسمع، فهناك ثلاثة تفسيرات لكل قصة: تفسيرك وتفسير غيرك والحقيقة !فعندما قال فرعون أنا ربكم الأعلى، كان تفسيري أنه يخاطب جمهوره في الداخل، وتفسير غيري أنه علو وكفر، أما الحقيقة فقد ظهر أن هذا الرب الأعلى لا يعرف السباحة وغرق في البحر. إن التصريحات السياسية، خصوصًا في الظروف المعقدة التي نعيشها، تحتاج إلى تمحيص وتفكير عميق، فكما أن العصفور في قصة سليمان عليه السلام كان يتحدث من موقع القوة الموهومة، نجد أن بعض القادة السياسيين، مثل نتنياهو، يميلون إلى استخدام الكلمات كأداة للتمويه والتلاعب بالمشاعر. إذا، كيف يمكن أن نفهم هذه التصريحات بشكل أفضل؟ يجب أن نعي أن تصريحاتهم غالبًا ما تكون موجهة لتحقيق أهداف معينة داخلية، سواء كانت تتعلق بالاستقرار السياسي أو تعزيز الشعور بالقوة. إن الاستجابة الشعبية أو الرسمية لهذه التصريحات تكون في كثير من الأحيان عرضة للتأثر بمزاج اللحظة، ما يجعلها غير دقيقة أو غير موضوعية.
ينبغي أن نتذكر أن فهمنا للأحداث السياسية ليس ثابتًا، فكل حدث له أبعاد متعددة، وتفسيرنا له يتأثر بخلفياتنا الثقافية والاجتماعية. لذا، يصبح من الضروري أن نتبنى منظورًا شاملًا، يتيح لنا رؤية الصورة الكاملة بدلاً من الانغماس في تفاصيل صغيرة قد تضللنا.
يجب أن نتجنب الانجرار وراء الدعاية السياسية التي قد تقودنا إلى تصورات غير واقعية، فالتاريخ يعلمنا أن الأمور لا تسير دائمًا كما يخطط لها القادة، كما أن الحقيقة، مهما كانت مؤلمة، تبقى دائمًا موجودة، وهي التي ستظهر في النهاية.
وفي الختام نقول.. حق الشعب الفلسطيني الشقيق سيبقى راسخاً، ولن يستطيع أحد سلبه منه مهما طال الزمن، والسلام الدائم لن يتحقق إلا بالعودة إلى منطق العقل، والقبول بمبدأ التعايش السلمي من خلال حل الدولتين.