العدد 5939
الجمعة 17 يناير 2025
banner
حرب غزة وحرائق أميركا
الجمعة 17 يناير 2025

سنن الله لا تتغير، والنفوس المهزومة تبحث في الغالب عن أعذار لتقليل مشاعر الإحباط عندها، فلم تخلُ الأرض يومًا من كوارث هنا وهناك، لا قبل حرب غزة ولا بعدها، بل في غزة الصامدة نفسها، ورغم كل دعوات المسلمين، رأينا سنن الله فيها لا تتغير ولا تتبدل، فقد غرقت في السيول والرياح والبرد والأمراض، وكل هذا لا دخل لإسرائيل أو أميركا فيه، ولا يسعنا في هذا المقام الصغير تفسير كل هذا.

حرائق أميركا، مهما بلغت خطورتها وخسائرها، تأتي في سياقاتها الطبيعية، وليست الدول المؤمنة بالله عز وجل بعيدة عنها. نعم، في الوعي الجمعي نستطيع أن نساير ونقول إن ما نشاهده في غزة من آثار قنابل أميركا التي ترسلها لإسرائيل لتجربها في أرخص دماء أهل الأرض أي المسلمين، أحرقت بيوتهم وأخرجت مرضاهم من مستشفياتهم وجعلتهم نازحين من بيوتهم وغيرها من أمور، وكل هذا رأيناه يحدث في أميركا اليوم. إن ما يحدث في غزة، كما في غيرها من المناطق التي تعاني من ويلات الحروب والكوارث، يُبرز لنا حقيقة مؤلمة عن طبيعة الصراع الإنساني، فالتاريخ مليء بالأمثلة التي تُظهر كيف تأثرت الشعوب العظيمة بالكوارث الطبيعية والحروب، وكيف كانت ردود أفعالها تتراوح بين اليأس والأمل.

في المقابل، يبقى السؤال المهم: هل نحن فعلًا في موقف يسمح لنا بالشماتة، أم أن الواجب علينا أن نمد يد العون والمساعدة للإخوة الذين يعانون في كل مكان؟ إن الشماتة لا تُعبّر عن القوة، بل تعكس ضعفًا في روح الإنسانية، فالحقيقة أن الأذى الذي يُصيب أي إنسان، بغض النظر عن هويته أو انتمائه، هو أذى يمس الإنسانية جمعاء. 

عندما نرى الحرائق والدمار في أي مكان، يجب أن نتذكر أن الضحايا هم أناس يعيشون آمالهم وأحلامهم، مثلما نفعل نحن. إن الحروب والكوارث لا تُفرّق بين الناس بناءً على دينهم أو عرقهم، بل تُظهر الجانب الأعمق من الإنسانية.. الحاجة إلى التعاطف والتكاتف في الأوقات الصعبة.

في النهاية، يجب أن نركز على بناء عالم أفضل، عالم يتجاوز الحقد والشماتة، ويسعى إلى العدالة والسلام. دعونا نكون جزءًا من الحل، ونساهم في تخفيف المعاناة بدلاً من تعزيز الانقسام. فالأمل هو ما يُبقينا على قيد الحياة، وهو ما يدفعنا للعمل من أجل غدٍ أفضل.

*كاتبة بحرينية

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .