العدد 2145
الجمعة 29 أغسطس 2014
banner
التواصل الاجتماعي... هل هو اجتماعي؟ عبدعلي الغسرة
عبدعلي الغسرة
الجمعة 29 أغسطس 2014

يتمثل التواصل الاجتماعي في تضافر الناس وتفاعلهم مع بعضهم البعض، وشمل التواصل الاجتماعي العلاقات الأسرية والمجتمعية، وانتقل اليوم التواصل الاجتماعي من اللقاءات التقليدية بين الأفراد وجهًا لوجه إلى لقاءات عبر التقنية باستخدام أحدث الطرق الإلكترونية، يتحدثون ويتناولون الكثير من المواضيع وهم بعيدون عن بعضهم البعض عبر شاشات الحاسب الآلي صورة وكتابة وبالمحادثة الفورية والرسائل الخاصة والبريد الإلكتروني والفيديو والتدوين ومشاركات الملفات وغيرها من الخدمات. فتأسست لذلك مؤسسات وشركات تقدم خدمة “التواصل” وتبرمج ذلك شركات كبرى لجميع المستخدمين، وبواسطته يتم البحث عن صداقات جديدة واهتمامات وأنشطة أخرى سواء في البلد أو من خارجه، حيث تجمع الشبكات الاجتماعية الملايين من المستخدمين في الوقت الحالي.
وبفضل الشبكة العنكبوتية ظهرت العديد من مواقع التواصل الاجتماعي كالفيس بوك وتويتر وغيرها من المواقع التي حققت نجاحًا كبيرًا في عملية التواصل بين شعوب الأرض. وشبكة التواصل الاجتماعي أصبحت تؤثر سلبيًا على الآخرين ولم تعد وسيلة للتبادل الثقافي والمعلوماتي والمعرفي بين أفراد المجتمع الواحد وبين مجتمع ومجتمع آخر، ولم تعد وسيلة لتبادل الخبرات والمهارات المختلفة، ولا لاكتساب الآداب والثقافات واللغات والعادات الاجتماعية المختلفة بين مكونات العالم. فقد لعب موقع الفيس بوك دورًا أساسيًا في تهييج الشارع العربي والزج به في فوضى عارمة سميت بثورات الربيع العربي.
والغرض الأساسي من تأسيس هذه الشبكة هو تبادل الأفكار الاجتماعية والأدبية من أجل رفع مستوى ثقافة أفراد المجتمع المتواصلين وإثراء ثقافة الآخرين وتنمية خبراتهم وإمكانياتهم اللغوية والمعرفية، إلا أنه في الحقيقة كان هناك هدف خفي لتأسيس مثل هذه الشبكات لا يخدم المجتمع بل يهدم ويقوض أركانه عن طريق نشر ثقافة دخيلة على ثقافته تساعد على تفكيكه وتمييعه ثقافيًا وسياسيًا وأخلاقيًا. إلا أن هذه الشبكات ليست جميعها سيئة فبعضها تم إنشاؤه لغرض ثقافي أو ترفيهي أو إخباري، إلا أن الخوف يكون من تلك المواقع التي تم إنشاؤها لأجل ترويج أفكار وتوجهات أشخاص ولسياسات أحزاب لطوائف دينية معينة حيث تنتهج أسلوبًا متعصبًا لأهدافها. ومن مساوئ استخدام هذه الشبكات هناك أشخاص يستخدمونها بطريقة سيئة وبأسماء غير حقيقية تتعارض مع أخلاق المجتمع وعقيدته ووحدته الوطنية وترابطه الاجتماعي. وهذا الاستخدام السيئ للشبكة يؤثر سلبًا في بعض أفراد المجتمع.
أحدثت التقنيات الحديثة التي أوجدتها التطورات التكنولوجية نقلة نوعية وثورة حقيقية في عالم الاتصال حيث يجب أن تستخدم لخدمة الناس ومجتمعاتهم، ولتحقيق التواصل الاجتماعي والثقافي والأدبي بين شعوب العالم باختلاف مشاربهم وأعراقهم ودياناتهم، وكان من المستحسن أن يتم هذا التواصل الذي يستنزف الكثير من وقت الناس في الاهتمامات المشتركة بينهم بتواصلهم عبر شاشات الحاسب الآلي والبريد الإلكتروني.
ونظرًا لسوء الاستخدام المتكرر لمواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية فقد حذر المدير العام للإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية بوزارة الداخلية بمملكة البحرين من خطورة هذه الوسائل التي يتم استغلالها بطريقة خاطئة، من خلال بث المعلومات الملفقة ونشر الأخبار الكاذبة وانتحال أسماء وصور شخصيات طبيعية ومعنوية والتحدث بأسمائها، وارتكاب جرائم السب والقذف والاحتيال وتوريط البعض في نشاطات مشبوهة ذات طبيعة إرهابية، وهي ممارسات ذات أثر سلبي على السلم الأهلي والأمن الاجتماعي، مما يستدعي وضع ضوابط لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي. إن الاستخدام السيئ لمواقع التواصل الاجتماعي أدخل العديد من الأشخاص في المشاكل القانونية، مع تضييع الوقت في ارتياد مواقع لا تحتوي على محتويات مفيدة. وعلى ذلك تبقى شبكات التواصل الاجتماعي كتقنية إيجابية تقدم الكثير من الخدمات والمنافع التي لو استغلت بصورة صحيحة لتحققت منها فائدة كبيرة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية