في كثير من الأوقات نغرق في محيط الذكريات، ويأخذنا الحنين والشوق إلى الماضي بكل تفاصيله الجميلة، وتستمر معنا هذه الحالة التي تسمى متلازمة “النوستالجيا” إلى وقت طويل، ومن الصعب مقاومتها والقفز فوقها، فعندما نحضر مهرجانا أو فعالية، أو نشاهد فلما أو تسجيلا أو حتى صورة لها صلة بأي جانب من الماضي تنتابنا حزمة من الأفكار، جميعها تتعلق بسنوات طويلة مضت من أعمارنا، يشاركنا هذا الشعور الصادق والإحساس المرهف أقرب المقربين إلينا من أفراد الأسرة والأصدقاء والمعارف عندما تتاح لنا فرصة الحديث مع بعضنا البعض عن جمالية تلك الحقب الزمنية التي عشناها بحلاوتها ومرارتها.
نحن اليوم بصدد الحديث عن سوق العاصمة المنامة القديم الذي يعتبر من أهم الأسواق التاريخية والتراثية والسياحية ومركز الحركة التجارية في المملكة قديما، ويقع وسط مدينة المنامة العريقة التي يعود تاريخها إلى عام 1320م، ومن أقدم أسواقها سوق “القيصرية” الذي أسس في عام 1819م، ومع مرور الوقت شيّدت الكثير من الأسواق المشهورة في العاصمة المنامة، والتي يصل عددها إلى ما يقارب 22 سوقا متنوعة لها نشاط تجاري يميزها عن غيرها نظرا لما شهدته التحولات الاقتصادية والاجتماعية واحتياجات المواطنين والمقيمين وضيوف المملكة، وفي مدخل سوق المنامة القديم من جهة الشمال يوجد باب البحرين الذي تم تشييده في عام 1949.
من خلال تلك المقومات التاريخية والتراثية والثقافية والفنية والتجارية والأدبية والسياحية الفاعلة التي تمتلكها العاصمة المنامة، انطلقت فعاليات جميلة أطلق عليها “ريترو المنامة” حيث جاءت ضمن موسم أعياد المملكة لعام 2024 خلال الفترة من 25 ديسمبر 2024 لغاية 7 يناير 2025، وبتنظيم موفق من قبل هيئة البحرين للسياحة والمعارض بشراكة القطاع الخاص، وقد ساهمت هذه الفعاليات الفتية في استرجاع الماضي وإبداع الحاضر من خلال إبراز التراث البحريني الأصيل بطرق شملت الكثير من الابتكار والتفوق في محاكاة تاريخ العاصمة المنامة وساهمت بشكل كبير في إبراز هوية المملكة التاريخية والثقافية والحضارية والسياحية. وعساكم عالقوة.
كاتب بحريني