العدد 1270
الجمعة 06 أبريل 2012
banner
المرأة السعودية إلى الأولمبياد! سمر المقرن
سمر المقرن
الجمعة 06 أبريل 2012

أشعر في أحيان كثيرة بالإحباط، نتيجة تهميش قضايا المرأة ودفع الرأي العام إلى وجهات تثير وتستفز وهي بالأساس ليست معركة المرأة، ولا تهمها ولا تضيف لها. واستدل على هذا بالقضية التي تدور هذه الأيام في فلك الإعلام السعودي، بل وحتى العالمي، ألا وهي مشاركة المرأة السعودية في أولمبياد لندن المقبلة، وكأن كل القضايا انتهت وكل المشاكل تم حلها ولم يعد عالقاً إلا هذه المشاركة! لأن قضايا المطلقات العالقة بالمحاكم انتهت، ولم تعد تُحرم من حضانة أطفالها، بل صارت تأخذ نفقتها كاملة ومصاريف بيتها وأطفالها، والرجل – كان الله في عونه - مجبر بأمر المحكمة بدفع راتب الخادمة والسائق وبنزين السيارة، أما من الذي يتلاعب بالمرأة ويرفض تطليقها وتعليقها فالويل له، لأنه سيواجه قانوناً رادعاً يصل إلى الحبس والغرامة وقد يفقد وظيفته! أما الرجل “المجرم” الذي يُعنف زوجته ويضربها ويهشم جمجمتها فلم يعد له وجود لأن الأحكام الرادعة لمن تسول له نفسه باستخدام العنف ضد المرأة، جعلته يكف يده حتى تقلصت عضلاته، ومعها لسانه.
كذلك قضايا الأرامل اللاتي لا عائل لهن ولا رجل لديهن يقوم على حياة امرأة قضاياها واحتياجاتها “عالقة” داخل مجتمع ذكوري لا تمضي فيه حياة النساء إلا برجل وإلا فإنها ستتوقف أو تلجأ إلى مخارج أخرى كزواج المسيار مثلاً، الذي تلجأ له كثيرات لهذا السبب وحتى لا تتعطل حياتهن!
انتهت قضايا المرأة ولم يعد هناك سوى المشاركة في الأولمبياد، فلا بطالة بين النساء، ولا مخرجات تعليم بعيدة عن سوق العمل، وها هي المرأة تزاحم الرجل في كل القطاعات حتى إن المؤسسات فيما يبدو أنها صارت تعاني من بطالة النساء “المقنعة” بسبب تواجدهن المكثف، والشماغ والعقال لم نعد نراهم داخل تلك المؤسسات بسبب كثافة النساء العاملات! في حين يقول الواقع أن كثير من القطاعات لا تعمل فيها نساء، وإن تواجدن فعلى استحياء في مواقع هامشية عدا التعليم والصحة، ولعل المرأة تتمكن من الدخول إن كان لها معاملة تريد تخليصها، ويعتمد هذا على “مزاج” من يستقبلها، فمن حقه أن يرفض وجودها دون أن يُحاسب، وليس من حقها أن تشتكيه لأن دخولها غير شرعي!
انتهت قضيا المرأة ولم يعد عالقاً سوى مشاركتها في الأولمبياد، فها هي تقود سيارتها بنفسها دون أن تقع تحت رحمة السائق، وبإمكانها السفر دون البطاقة “الصفراء” ولها الحق في تقرير مصيرها لأن الأنظمة والقوانين تقول أنها تنضج في سن 21 عاماً، في حين أن الواقع يقول إن لا سن محدد لنضج المرأة، وإنها طوال حياتها تحت الوصاية!
ثم إن المرأة السعودية نشأت بطبيعتها “رياضية” فهي تمارس الرياضة من الصفوف الأولى بالمدرسة، وها هي الشوارع تكتظ بالنساء اللاتي يمارسن المشي والهرولة، سبحان الله، ممنوعة في المدرسة من الرياضة لأنها (حرام) وصارت قضيتها الأولى الأولمبياد.. وفي النهاية الضحية هي المرأة نتيجة تسطيح قضاياها وإثارة زوابع تضرها ولا تنفعها!

تويتر: s_almogren

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية