سأسرد بيانات هذا المقال بتسلسل تاريخي حتى أصل إلى بيت القصيد وهو التساؤل الذي جعلته عنوانًا للمقال، راجيًا أن يكون خالصًا لوجه الله تعالى وبالله التوفيق.
في 22 أكتوبر 2006م صدر قانون رقم (74) لسنة 2006 بشأن “رعاية وتأهيل وتشغيل المعاقين”، ونصت المادة (11) من القانون على ما يلي: “على أصحاب العمل الذين يستخدمون خمسين عاملًا فأكثر سواء كانوا يشتغلون في مكان واحد أو في أماكن متفرقة استخدام من ترشحهم وزارة العمل من واقع سجل قيد الذين تم تأهيلهم، وذلك في حدود النسبة التي تحددها اللجنة العليا بما لا يقل عن اثنين في المئة من مجموع عدد العمال...”. وفي عام 2019 وفقني الله تعالى وتعاونت مع مجموعة من النواب آنذاك واقترحت عليهم تشكيل لجنة تحقيق في أسباب عدم بحرنة الوظائف في القطاعين العام والخاص، وتبنى بعض النواب هذا الاقتراح وبذلوا فيه جهدًا كبيرًا وشاركهم نواب آخرون (جزاهم الله خيرًا) حتى خرج تقرير اللجنة وتوصياتها ومرفقاته في حوالي أربعة آلاف صفحة. وكان من ضمن تقرير اللجنة تصريح لوزارة العمل جاء فيه “قامت الوزارة بتفعيل قانون تشغيل وتأهيل المعاقين الصادر في العام 2006م، والذي يلزم المنشآت بتشغيل ذوي الهمم بما يعادل 2 % من إجمالي الموظفين لديها، ولكن الوزارة قامت بالتفاهم والتراضي مع الشركات بغرض الالتزام الطوعي وتشجيعهم على الالتزام بذلك” انتهى.
وفي 30 يونيو 2020 نشرت أنا عدة تغريدات عن تصريح الوزير وتساءلت في إحداها: “هل يعني أنه لم يطبق القانون؟”.
وللأسف الشديد لم نسمع أي رد من الوزارة، ولم يتابع النواب آنذاك هذه الجزئية، ولا عشرات غيرها من القضايا، واكتفوا بإحالة تقرير اللجنة إلى الحكومة.
وفي 5 ديسمبر 2024 تمت إحالة تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية (2023 - 2024) إلى مجلس النواب، وفيه فصل كامل بعنوان “الرقابة على العمليات المتعلقة بتمكين الكوادر الوطنية في سوق العمل”، وكان المحور السادس من هذا الفصل تحت عنوان: “تمكين ذوي الإعاقة في القطاع الخاص”.
وجاء في التقرير (ص 268) ما يلي: “لم تلتزم (1407) مؤسسة من مؤسسات القطاع الخاص التي توظف (50) عاملًا فأكثر كما في 1 أكتوبر 2023 بتوظيف ذوي الإعاقة بنسبة (2 %) من مجموع العاملين لديها، بما يعادل (96 %) من مجموع تلك المؤسسات، وذلك بالرغم من وجود (316) عاطلًا من فئة ذوي الإعاقة بحسب سجلات وزارة العمل، يحمل (63 %) منهم مؤهل الشهادة الثانوية أو الجامعية في مختلف التخصصات، الأمر الذي يخالف المادة (11) من قانون ذوي الإعاقة... إلخ”.
وهنا بيت القصيد، فهل يجوز لوزارة العمل أن تعطل نصًّا قانونيًّا من تلقاء نفسها، وتوقف العمل به، وتتفق على جعل التوظيف الملزم بنص القانون طواعية!
إن قرار وزير العمل شجع أكثر من (1400) مؤسسة على عدم الالتزام بالنص القانوني، أي أن (96 %) من المؤسسات لم تطبق القانون بسبب قرار الوزارة، وبذلك ضاعت حقوق المعاقين في التوظيف.
وإذا كان القرار قد صدر في حقبة وزير سابق، فهل يعفى الوزير الحالي من المساءلة حول الاستمرار في الأمر وعدم تصحيح الوضع بإلزام المؤسسات بالنص القانوني!.
نائب برلماني سابق