العدد 4517
الخميس 25 فبراير 2021
banner
من ينقذ الطفلين.. سيف وسلمى؟
الخميس 25 فبراير 2021

في زيارة لإحدى الأسر المتعففة بمنطقة البسيتين، وقفت على حال أسرة صغيرة لم أر لها مثيلا بالتعفف والحاجة معاً، فالأب والأم والطفلان "سيف وسلمى" مروا "بمرمطة" لا توصف منذ أكثر من ثماني سنوات وحتى اللحظة، هذه "المرمطة" وصلت بهم لفرش الأرض على الساحل، ودخول دار "الكرامة" أكثر من مرة، دون أن يمد لهم صديق أو قريب أو أيا كان، يد العون والمساعدة والرحمة.
ويقول الأب وهو شاب صغير ويعاني من إصابة مزمنة في الساق، إنه وبعد رحلة شاقة وقاسية ومؤلمة عانت بها أسرته الأمرين، توظف كـ "سكيورتي" في مجمع السلمانية الطبي براتب بسيط، أسعفه لتأجير شقة من غرفة واحدة، ملحق بها حمام صغير، ومطبخ مفتوح للخارج، لكنه ولظرف ما خسر وظيفته، واضطر قسراً لتسليم الشقة، ليعود مع عائلته من جديد للشارع، وبعد مناشدات متكررة لوزارة الاسكان، بادر وزيرها المهندس باسم الحمر مشكورا بتوفير شقة سكنية مؤقتة له، كما بادرت جمعية التربية الإسلامية وجمع من أهل الخير بفرش شقته نصف فرش، لكن من دون "مأكل" أو مصرف، أو مصدر للدخل، ولا دينارا واحدا.
هذه الظروف المرة، دفعت الزوجة الصالحة التي لم تتخل عن زوجها في أزماته، لأن تشتري "سبورة" كبيرة وتضعها في جدار الصالة، ثم تبدأ تدريس أطفال العمارة "يومياً" وعددهم ثلاثة، بسعر زهيد لا يزيد عن العشرين دينارا للفرد الواحد بالشهر، وتعلق هنا قائلة "نحنا بحاجة للدينار، ليس لدينا حل، أتمنى أن يجددوا معي".
وأنا أتبادل أطراف الحديث مع الأبوين، جاءني الطفلان سيف وسلمى وهما يركضان، ارتميا في حضني ثم صافحاني وهما سعيدان جداً، ويقول الأب هنا "أغلب الوقت بروحهم، عشان جذي فرحانين بوجودك"، تطلعت لابتسامة الطفلين، ولفتت انتباهي أسنانهم "المسوسة جداً والمكسورة"، سألت عن السبب، فقالت الأم إنهم لا يمتلكون مصرفاً لعلاج أسنانهم. وعلق الأب بأن الآسيوي مالك البقالة القريبة، طرد أولاده منذ يومين أمام أطفال آخرين، لأنهم حاولوا شراء "مينو" مقابل السداد فيما بعد، مضيفا "نحن في حالة مادية صعبة جداً، طرقت الأبواب كلها للعمل بلا فائدة، كما أنني لا أمتلك سيارة أو شهادة، انا بحاجة للعمل".
أكتب اليوم عن قصة الطفلين سيف وسلمى ووالديهما، لأنبه أهل الخير والمقتدرين، والمسؤولين والتجار، والأهم "أباطرة البخل والشح" بأن لا تلهيكم الحياة وملذاتها الزائفة عن الأسر المتعففة... زوروهم، فعنوانهم معروف من حال بيوتهم الرثة، ومن حديث الناس عنهم، ومما نكتب نحن وغيرنا، اغتنموا الأجر، واكسبوا الثواب قبل فوات الأوان، ومن منكم ينقذ سيف وسلمى؟.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .