العدد 5678
الأربعاء 01 مايو 2024
أبرز الشخصيات النسائية البحرينية تميزا بالعمل الوطني
مريم المنصوري

 

سيدة أعمال 

أرجعت سيدة ورائدة الأعمال مريم المنصوري وصول المرأة البحرينية لمستويات رفيعة في المجتمعات الدولية والإقليمية إلى ما تتميز به المرأة البحرينية من مثابرة وإصرار على الوصول، إضافة إلى جهود المجلس الأعلى للمرأة برئاسة  قرينة الملك المعظم صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، في تعزيز دور المرأة في شتى المجالات منذ التأسيس، إذ خصص المجلس الأعلى للمرأة جوائز ومبادرات على الصعيد المحلي والدولي؛ بهدف الارتقاء بالمرأة البحرينية، وفي هذا الجانب كان لسيدة الأعمال مريم المنصوري شرف الحصول على وسام امتياز الشرف لرائدة الأعمال البحرينية الشابة في دورته الرابعة للعام 2022، وكان ذلك بالتزامن مع يوم المرأة البحرينية وافتتاح نصب "أثر".

وترى المنصوري أن المرأة البحرينية حظيت بمجتمع منفتح مهد لها ممارسة حقوقها والتزمت بواجباتها، فأبدعت بمجالات مختلفة كالطب، والهندسة، والتعليم، والقانون، لتتولى أعلى المناصب، إذ سبقت المرأة البحرينية نظيرتها في الدول المجاورة في الكثير من المجالات منذ بداية القرن الماضي مع ظهور الجمعيات النسائية، والتي لعبت دورا فعالا في سبعينات القرن الماضي للنهوض بالمرأة البحرينية، مبينة أن نيلها لوسام امتياز الشرف لرائدة الأعمال البحرينية الشابة للعام 2022 دفعها لمزيد من العطاء والعمل في مجال ريادة الأعمال.

النشأة
نشأت مريم المنصوري بين 7 أخوات، تأتي هي بالمرتبة السابعة بينهن، لذا فهي تربت بكنف أسرة تطغى فيها الصفة النسوية، وتقول في هذا الجانب "رأيت في أخواتي القدوة والمثل الأعلى للمرأة البحرينية المثابرة وذات الطموح العالي، فنشأت على قيم عالية ومبادئ جميلة كحب المعرفة والثقافة، والعطاء وتحمل المسؤولية".
دوافع البدء بـ "جومون"
بدأت مشروع "جومون" لصناعة الأجبان النباتية في العام 2011، بناء على احتياج شخصي لمنتجات خالية من الحليب البقري خصوصا وتحديدا بديل للجبن، ولأن "الحاجة أم الاختراع"، قررت تأسيس مشروع يعنى بذلك، فكان "جومون" أول مصنع متكامل لبدائل منتجات الألبان في البحرين.
وتواصل المنصوري قصة انطلاق "جومون" فتقول: "بدأت من المنزل وكان ذلك بتشجيع من زملاء العمل والأهل والأصدقاء، الذين طلبوا مني المضي قدما والاستمرار، إضافة إلى طلبهم المتكرر لبدائل الحليب البقري وبدائل الأجبان، ومع هذا الطلب والتشجيع انبثقت فكرة الإنتاج والبيع في محيط العمل والمنزل فقط".
وبمرور الوقت لاحظت مريم المنصوري وجود انخفاض كبير بهذه المنتجات، الأمر الذي جعلها تتوسع بالفكرة لتقفز إلى الإنتاج للأسواق المحلية، فاستغلت الفرصة بأن تكون منتجاتها في الأسواق وتكون بمتناول الجميع، فما كان منها إلا أن تقدم على التقاعد الاختياري في العام 2017، وتنطلق فعليا بالعمل الحر والتجارة، محققة بذلك حلما صغيرا كان يراودها.

النجاح كالسلسلة
"النجاح كحلقات السلسلة ترتبط إحداها بالأخرى"، بهذه العبارة واصلت مريم المنصوري حديثها فقالت: "بعد تزايد الطلب على منتجاتي، أخذت دوافع الاستمرار منحنى آخر، واستجدت دوافع أخرى، إذ لم يعد سد فجوة الأسواق بما ينقصها من منتجات صحية خالية من مشتقات الحليب والأجبان النباتية، هو الشغف الوحيد الذي يدفعني للاستمرار، فقد تولد شغف آخر وهو ابتكار كل ما هو جديد، والرغبة في تطوير العمل والتوسع في نطاق الإنتاج، بات الشغف المحرك الذي يقودني نحو المواصلة والاستمرار والتطوير".

تحديات وسبل التذليل
وعند الحديث عن التحديات وسبل تذليلها، ترى مريم المنصوري أن أكبر التحديات تلك التي تنبع من رائد العمل نفسه، فالعوائق الشخصية وعدم الثقة بالإمكانات التي لدينا هي المعوق الأكبر أمام رائد العمل، إضافة إلى "فخ" الشك في القدرات الفردية للفرد والإيمان بالوصول إلى النجاح. وقالت "عن تجربتي الشخصية التي أعتبرها متواضعة من ناحية الفترة الزمنية وزخم الخبرة، كانت ذاتي هي العائق الرئيس الذي منعني من اغتنام بعض الفرص. ولأوضح أكثر، فقد وقعت في فخ الشك في قدراتي ومعرفتي للوصول إلى النجاح".
وفي هذا الجانب، تجد أن المرأة عموما تواجه مثل هذه التحديات بنسبة أكبر من الرجل، معللة ذلك بكون المرأة أكثر صرامة وحزما في حكمها على نفسها، أما على صعيد شخصي قالت "إن وقع ذلك يعوق من ثقتي في اتخاذ قرارات جريئة واغتنام الفرص في كثير من الأحيان".

وكيف كان التغلب على هذه التحديات؟
بالحديث عن التحديات لابد لنا من تقديم الشكر الجزيل لـ"تمكين"، إذ لا يمكننا تجاهل الدور الريادي البارز لصندوق العمل، بدعمه أي مشروع ليس فقط لوصوله لمرحلة النمو والتطور، بل يتعدى لاهتمامه وحرصه على خلق الاستدامة لكثير من المشروعات المتميزة.
على صعيد شخصي، لم يكن التغلب على هذا التحدي بالأمر السهل، وما أزال بين حين وآخر أتردد في اتخاذ القرارات، خصوصافي الأمور التي تتطلب نوعا من المخاطرة والجرأة في العمل، ولكن بناء على النشأة والمجتمع الذي ترعرعت فيه، دربت نفسي على اتخاذ خطوات وممارسات ساعدتني بشكل كبير في تذليل هذه الصعاب أو التحديات، وكان من أبرز تلك الخطوات، تغيير طريقة تفكيري تجاه إنجازاتي، وإحصاء ما قمت به منذ بدء المشروع، إذ ساعد ذلك على رفع تقديري لذاتي ورفع معنوياتي الشخصية. وعليه، أصبحت أكثر ثقة في إنجاز المهمات المنوطة بي، كذلك أصبحت أكثر تقبلا للإخفاقات واتخاذها دروسا أتعلم منها وإضافات لتجربتي من شأنها أن تثري شخصيتي، فاستبدلت مشاعر الإحباط والخجل بمشاعر الاعتزاز واحتواء الإخفاقات، من جانب آخر، أصبحت آخذ النصح والإرشادات من ذوي الاختصاص، لذا فإن العديد من المؤسسات الداعمة لرواد الأعمال الشباب كان لها الأثر والدور الأساسي بصقل شخصيتي كريادية في مجال الأعمال، بهذا الجانب فقد التحقت ببرنامج منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) في البحرين العام 2018 وما أزال على تواصل معهم، إلى جانب تفعيل المشاركة في الندوات والحلقات النقاشية والعديد من الفعاليات، خصوصا تلك التي يقدمها برنامج اليونيدو والمجلس الأعلى للمرأة وغيرها من المؤسسات التي تعزز الثقة، عبر التفاعل المباشر مع الجمهور وتفاعل رواد العمل المبتدئين للاستفادة من مسيرتي كقصة نجاح، إضافة إلى القراءة في السير الذاتية للشخصيات العالمية المؤثرة والتي تدفعني للمواصلة والاستمرار أسوة بهم رغم كل ما يواجهنا من تحديات كرواد أعمال، منوه بأن من أهم النقاط هي تثقيف الذات في مجال تصنيع الأغذية لاكتساب الثقة ومواكبة التطور في هذا المجال".

الرغبة والشغف أبرز الصفات
وعن أهم الصفات الواجب توافرها برائد العمل الشباب، أكدت المنصوري أن أهم صفة هي الرغبة والشغف في ريادة الأعمال، وقالت: بدأت العمل على مشروع "جومون" من منطلق حاجة، وفي الوقت نفسه أنا أحب الطبخ وابتكار الأكلات عموما، في حين كان شغفي الأساس هو بناء منظومة ومؤسسة عمل بحيث أرى المشروع يكبر أمامي، خصوصا أنني أجد أن ريادة الأعمال لا تتطلب بالضرورة أن يكون الفرد ماهرا في حرفة معينة، فمن منطلق تجربة شخصية، فأنا دوري اليوم في المعمل يقتصر على ابتكار الوصفات والمنتجات وتدريب الموظفين القائمين على التصنيع وبذلك يتسنى لي الوقت لإدارة المشروع والعمل على توسعته وتطويره وهذا الشغف الذي أقصده، إضافة إلى الجد والمثابرة، فريادة الأعمال تجمع بين نجاح وإخفاق ووصول مع تراجع وإنجازات مع تحديات، لذا فإن المثابرة والصمود في سبيل تحقيق الأهداف مهمة مع المرونة في التعامل مع متغيرات وسلبيات العمل الحر، إلى جانب التحلي بأخلاقيات عمل عالية والانضباط، حيث أضع نفسي مكان الموظفين الذين اعتبرهم شركاء لي في العمل.
وانضباطي ينعكس على الإنتاجية في المشروع عموما، ففي بداية مشواري وقعت في فخ مرونة ساعات العمل الحر و"حرية" التصرف؛ ليأخذ منحى التساهل والتسيب نسبيا، ما ترك الأمور عالقة ومؤجلة بشكل يضر بالمشروع وتقدمه، ولكن بفضل الوعي الذي أتحلى به سرعان ما تم السيطرة على ذلك والمسك بزمام الأمور بشكل فعال يتسم بالانضباط. فتعلمت أن المرونة وتوسع مدى الخيارات لا يعني التقاعس والتهاون بأخلاقيات العمل وإن كنا رواد أعمال". وبينت المنصوري أن هناك مهارات أخرى تدرج تحت مظلة المهارات غير التقنية، وهذا دليل على أن الحاجة للمهارات الإدارية والشخصية مثل مهارة التواصل وبناء العلاقات لها قدر من الأهمية على حد سواء مع المهارات الأخرى التقنية كإدارة المخاطر والإدارة المالية.
الوصول للعالمية
وعن أهم خططها المستقبلية أشارت مريم المنصوري إلى أنها تأمل بالتكاتف مع فريق "جومون" والعمل المكثف والبناء مع صادرات البحرين ومكتب اليونيدو، الوصول إلى العالمية، كما تأمل المنصوري من التصنيع الوصول إلى شريحة كبيرة من المجتمع؛ لتغطية احتياجات السوق في هذا القطاع الآخذ بالتوسع محليا وإقليميا ودوليا.

نصيحة وإرشاد
في ختام لقائها، قدمت مريم المنصوري نصيحتين شخصيا تضعهما نصب عينيها، على رائد العمل أن يتحلى بالجرأة وحب التحدي، وهذا الأمر جميل جدا، لاسيما إذا كان مصحوبا بالشغف، إلا أنه من المهم أن تكون الجرأة والمخاطرة محسوبة، بعد وضع خطط العمل وتحديد الأهداف المنشودة والتركيز عند التنفيذ.
وقالت "أما نصيحتي الثانية فهي ضرورة استشارة ذوي الاختصاص، خصوصا في بداية مشوار العمل الحر، إذ يكون على عاتق رائد العمل القيام بمعظم الأدوار إن لم يكن جميعها. وعليه، فإنه من الجيد الإلمام بجميع نواحي المشروع حتى وإن كان بشكل بسيط، فعلى سبيل المثال، عندما يتعلق الموضوع بالأمور المالية يمكن استشارة الخبراء في هذا الجانب".

الرجوع للصفحة السابقة
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية