العدد 1424
الجمعة 07 سبتمبر 2012
banner
إستغلال جراح السوريات سمر المقرن
سمر المقرن
الجمعة 07 سبتمبر 2012

أسوأ أنواع البشر هم من يقومون باستغلال جراح الآخرين لصالحهم، بل والأدهى والأمر أن يكون هذا الاستغلال لصالح غريزة عابرة، أو حاجة مؤقتة.. هذا ما حدث بالفعل ونحن نسمع ونقرأ من دعوات للزواج بالسوريات النازحات، هروبا من جرائم نظام بشار الأسد وشبيحته، ليجدوا أنفسهن في مزاد وضيع بدعوى الستر عليهن، وهي دعوى في ظاهرها حق وفي باطنها باطل. وفي اعتقادي أن الشعب السوري الحر الذي وقف بكل عزة وكرامة في وجه الطغيان لإيقاف الذل والهوان، لن يصمت عن هذه الدعوات التي هي في صميم العار السوري بل والعربي، ومن يقوم عليها ويروجها يستحق حربا لا تقل ضراوة عن حرب الشعب السوري ضد الشبيحة!
وهذا المشهد المعتم ليس بجديد، فقد سبق أن خاضت هذه التجربة المرأة العراقية، التي زايد عليها الشهوانيون بثمن بُخس، بعد أن كان الشهيد صدام حسين – رحمه الله- لا يناديهن إلا بالماجدات، وهنا من يفعل مثل هذه التصرفات والدعوات الإجرامية لاستحلال البشر مستغلا الأحداث والأوضاع، فهو شخص يستحق المحاكمة والعقوبة، لأن مثل هؤلاء هم متواطئون بقصد أو دون قصد مع النظام السوري المجرم، وكأنه يريد أن يبعث برسالة للعالم أنه وبسبب ما يحدث من سوريا فإن المرأة السورية باتت على حافة الخطر! وكيف تكون كذلك وسوريا مليئة بالرجال الذين هبوا كرجل واحد لأجل وطنهم، والمرأة هي عنوان كل الأوطان، وكرامتها هي من كرامة الوطن، والترويج بهذه الصورة السلبية حول المرأة السورية أو غيرها، هو ناتج عن النظرة الدونية للمرأة والتي يراها البعض ليست أكثر من وعاء للمتعة، وأن الله – سبحانه وتعالى- لم يخلقها إلا لهذا.
والمرأة السورية النازحة، هي من صميم مسؤوليات الدول التي تم النزوح إليها، والأمم المتحدة ومفوضيات اللاجئين، وهم يتحملون المسؤولية الكاملة تجاه إيذاء المرأة السورية قولا أو فعلا.
والأكثر مرارة أن يتم الزواج من الفتيات القاصرات، وهذا أمر مُحرم دوليا، وإن حدث فهو مسؤولية الدول والأهالي ويُفترض أن تتم محاسبتهم جميعا دون هوادة. أتذكر قبل نحو أكثر من عام تلك الحملة التي قامت في مصر للحد من زواج القاصرات، وكم من خليجي وغيره تمت محاسبتهم لإقدامهم على هذا الفعل، حتى صار من في قلبه “شهوة” يتردد ويفكر ألف مرة قبل أن يتزوج من فتاة قاصر في مصر. وهذه الحملات والتي تقوم في الغالب على أيدي ناشطات مؤمنات بحجم هذه الجريمة، فإنها تنجح وإن لم تكن النتيجة كاملة، إلإ أنها مؤثرة وتصنع وعيا، ومن لا يملك الوعي فإنه يخاف من حد القانون.
وفي الفترة الحالية، فإن الناشطات السوريات أولا، و مثيلاتهن في العالم العربي، يتحملن جزء كبيرا مما يحصل، وعليهن الوقوف بصرامة أمام هذه المهزلة التي تنتقص من المرأة بشكل عام، ومن السوريات بشكل خاص!

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .