مما لا شك فيه أن للمعرفة دورا كبيرا في إدارة وبناء المؤسسات في العالم. ويُعرف العلماء المعرفة على أنها نسيج من الخبرات والمهارات والمعلومات والقدرات المعرفية الضمنية والواضحة المتراكمة لدى الأفراد.
وكما يُشير Harris and Henderson - 1999، فإن المعرفة تشكل أحد العناصر الأساسية ضمن سلسلة متكاملة تبدأ بالإشارات Signals وتتدرج إلى البيانات Data ثم إلى المعلومات Information ثم إلى المعرفة Knowledge ثم إلى الحكمة Wisdom (التي تعدّ أساسا فاعلا للابتكار Innovation). ويتضح أن المعرفة الفاعلة والسليمة والكافية هي جوهر الحكمة والإبداع والابتكار.
ولكي يصبح استخدام المعرفة لدينا بطريقة منظمة ومفيدة ظهر ما يُعرف بعلم إدارة المعرفة Knowledge Management وهو عبارة عن مجموعة من الأنشطة التي تركز على كسب المعرفة التنظيمية من خبراتها الخاصة ومن خبرات الآخرين، وتتضمن التطبيق الحكيم للمعرفة من أجل تحقيق رسالة المنظمة، وهذه الأنشطة يجري تنفيذها من خلال التكامل بين التكنولوجيا والهيكل التنظيمي والاستراتيجيات المنظمة المدعومة بالمعرفة الحالية وإنتاج معرفة جديدة.
وتتضح لنا أهمية إدارة المعرفة الفاعلة باعتبارها فرصة كبيرة للمؤسسات لتخفيض التكاليف ورفع موجوداتها الداخلية، وفي قدرتها على تعزيز قدرة المؤسسة في الاحتفاظ بالأداء المنظمي المعتمد على الخبرة والمعرفة.
وأُجريت العديد من الدراسات التي تؤكد العلاقة الحيوية بين الإدارة الفاعلة للمعرفة وبين مستوى الأداء المؤسسي. ومن هذه الدراسات ما أكدته دراسة قام بها Juran and Mercedes - 2006، بعنوان “النقل الاستراتيجي للمعرفة وأثره في تحقيق الميزة التنافسية”. بحيث هدفت الى تحليل النتائج التي تسمح بالحصول على الميزة التنافسية من خلال المعرفة وعملية نقل المعرفة، من خلال اقتراح خصائص المعرفة الاستراتيجية ومن ثم التعرف على الموانع التي تعيق تحقيق النقل الفعال للمعرفة داخل المؤسسة. وتوصلت الدراسة إلى وجهتي نظر مختلفتين: الأولى تقول إن أهمية تحقيق الميزة التنافسية تشتق من طبيعة المعرفة نفسها، أما وجهة النظر الثانية فترى أن أساس تحقيق الميزة التنافسية هو الإدارة الفعالة نفسها.
وختاماً، فإنه يمكنُ القول إن جميع التوصيات التي طرحتها الدراسات والأبحاث في هذا المجال تصبُ في أهمية أن تتبنى الإدارات العليا للمؤسسات الفكر الاستراتيجي لإدارة المعرفة، وتعمل على تشجيعها وتطبيقها من خلال البرامج المختلفة، وذلك لما لذلك من دور كبير في التميز في الأداء والإنتاج وبالتالي ينعكس على القدرة على المنافسة والتميز.