مقادير لا يمكن نسيانها

| د.حورية الديري

ينشأ كل إنسان اعتباري على وصفة من القيم التي تتضمن مجموعة من المعايير والمبادئ التي تحكم تصرفاته وترسم توجهاته في الحياة، كما تعكس جملة الأخلاق والاعتقادات التي يؤمن بها، وتحدد مؤشر الثبات والدوام والاستمرار نحو مجموعة من السلوكيات التي تشكل مقادير توجيه الإنسان في حياته.

ويبدو الاختلاف بين البشر في تباين المؤشرات التي تحدد نسبة وجود القيم في تكوين شخصية قوية ومتكاملة ومتسقة ذات مبادئ ثابتة مهما طالتها عنوة الزمن.. هؤلاء البشر ينعمون في أرفع درجة من الثبات والتوازن داخل الحياة الاجتماعية، لأنهم يستحضرون قيمهم بكل اتزان، ويطمحون في نشر تلك الثقافة لمن حولهم، بسبب نظرتهم الشمولية الراسخة التي لا تهزها العبارات ممن يفتقدون ثقافة الارتكاز على مبادئ الحياة السليمة.

والسبب ما يفتقدونه من مقادير طافت عليها رياح الاهتزاز فأبعدتها عن مكانها ولم يتمكنوا من العودة إلى مكانهم بها، لذلك فإن الثبات على القيم لا يمكن أن يثمر وسط شعارات بعيدة كل البعد عن الممارسة السلوكية التي تضمن لصاحبها القوام الجيد والمكان اللائق وسط تحديات قد تعترض حياة الإنسان وتصرفه عما يجب، وتجعله مجاريًا مطابقًا لقيم يريدها غيره، فينحو بتطبيقها حسب حاجته منها، لأنها غير متصادقة مع ذات الإنسان، ولم ينشأ عليها أبدا، فتظهر سلوكياته متشككة ممزوجة بمقادير لا علاقة لها ببعضها إلا فيما يخدم المصلحة، وهنا تضيع المصداقية وسط المجاملات التي تحدد جملة من المعايير في رسم سلوكيات تطفح على ساحة المكان وتؤثر على العلاقات التي تؤرق صاحبها قبل غيره، لما تتركه من أثر ذي نواتج سالبة على الجميع.

لذلك أرى أهمية وجود القيم حاضرة بصورة لفظية مكانية أمام كل شخص، وهي أساس لنجاح المربي والقائد والمعلم والأكاديمي في أن يكون القدوة الراكزة أمام الغير .

كاتبة وأكاديمية بحرينية